على الفراش فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ كَذَا وَكَذَا، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَنَامُ وَأَقُومُ وَآكُلُ اللَّحْمَ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» «١».
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عُثْمَانَ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي إِذَا أَكَلْتُ من هذا اللحم انتشرت إلى النساء، وَإِنِّي حَرَّمْتُ عَلَيَّ اللَّحْمَ، فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ. وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ جَمِيعًا عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ بِهِ. وَقَالَ، حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُرْسَلًا، وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَوَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلَّا نَسْتَخْصِي؟ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، وَرَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدِ اللَّهِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ
الآية، أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ، وَهَذَا كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: جَاءَ مَعْقِلُ بْنُ مُقَرِّنٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: إِنِّي حَرَّمْتُ فِرَاشِي، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ الآية. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَجِيءَ بِضَرْعٍ فَتَنَحَّى رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ:
ادْنُ، فَقَالَ: إِنِّي حَرَّمْتُ أَنْ آكُلَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ادْنُ فَاطْعَمْ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَةَ: رَوَاهُنَّ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَرَوَى الْحَاكِمُ هَذَا الْأَثَرَ الْأَخِيرَ فِي مستدركه من طريق إسحاق بن رَاهْوَيْهِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ بِهِ ثُمَّ قَالَ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ أن عبد الله بن رواحة أضافه ضَيْفٌ مِنْ أَهْلِهِ، وَهُوَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَهُمْ لَمْ يُطْعِمُوا ضَيْفَهُمُ انْتِظَارًا لَهُ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ حَبَسْتِ ضَيْفِي مِنْ أَجْلِي هُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: هُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ. وَقَالَ الضَّيْفُ: هُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ وَضَعَ يَدَهَ وَقَالَ: كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَهَذَا أَثَرٌ مُنْقَطِعٌ.
وفي صحيح البخاري في قصة الصديق مَعَ أَضْيَافِهِ شَبِيهٌ بِهَذَا، وَفِيهِ وَفِي هَذِهِ القصة دلالة