فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَرْسَلَ بِهَا، فَأَرْهَفْتُ ثُمَّ أَعْطَانِيهَا، وَقَالَ «اغْدُ عَلَيَّ بِهَا» فَفَعَلْتُ، فَخَرَجَ بِأَصْحَابِهِ إِلَى أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ، وَفِيهَا زِقَاقُ الْخَمْرِ قَدْ جُلِبَتْ مِنَ الشَّامِ، فَأَخَذَ الْمُدْيَةَ مِنِّي فَشَقَّ مَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الزِّقَاقِ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ أَعْطَانِيهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَنْ يَمْضُوا مَعِي وَأَنْ يُعَاوِنُونِي، وَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْأَسْوَاقَ كُلَّهَا فَلَا أَجِدُ فِيهَا زِقَّ خَمْرٍ إِلَّا شَقَقْتُهُ، فَفَعَلْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ فِي أَسْوَاقِهَا زِقًّا إِلَّا شَقَقْتُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خالد بن زيد، عن ثابت أن يَزِيدَ الْخَوْلَانِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَمٌّ يبيع الخمر، وكان يتصدق، قال: فنهيته عنها فلم ينته، فقدمت المدينة فلقيت ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَتْهُ عَنِ الْخَمْرِ وَثَمَنِهَا، فَقَالَ: هِيَ حَرَامٌ، وَثَمَنُهَا حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا مَعْشَرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ لَوْ كَانَ كِتَابٌ بَعْدَ كِتَابِكُمْ، وَنَبِيٌّ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ، لَأُنْزِلَ فِيكُمْ كَمَا أُنْزِلَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ، وَلَكِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَعَمْرِي لَهُوَ أَشُدُّ عَلَيْكُمْ، قَالَ ثَابِتٌ: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَسَأَلَتْهُ عَنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ فَقَالَ: سَأُخْبِرُكَ عَنِ الخمر، إني كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد فبينما هو محتب «١» على حُبْوَتَهُ، ثُمَّ قَالَ «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هذه الخمر شيء فَلْيَأْتِنَا بِهَا» فَجَعَلُوا يَأْتُونَهُ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: عِنْدِي رَاوِيَةٌ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: عِنْدِي زِقٌّ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اجْمَعُوهُ بِبَقِيعِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ آذِنُونِي» فَفَعَلُوا، ثُمَّ آذَنُوهُ، فقام وقمت معه ومشيت عن يمينه وهو متكئ عليّ، فلحقنا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَخَّرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَنِي عَنْ شِمَالِهِ وَجَعَلَ أَبَا بَكْرٍ فِي مَكَانِي، ثُمَّ لَحِقَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَخَّرَنِي وَجَعَلَهُ عَنْ يَسَارِهِ، فَمَشَى بَيْنَهُمَا حَتَّى إِذَا وَقَفَ عَلَى الْخَمْرِ قَالَ لِلنَّاسِ «أَتَعْرِفُونَ هَذِهِ؟» قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ الخمر، قال «صدقتم»، ثم قَالَ «فَإِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْخَمْرَ، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَبَائِعَهَا وَمُشْتَرِيَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا» ثُمَّ دَعَا بِسِكِّينٍ فَقَالَ «اشْحَذُوهَا» فَفَعَلُوا، ثُمَّ أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرِقُ بِهَا الزِّقَاقَ، قَالَ: فَقَالَ الناس: في هذه الزقاق منفعة، فقال «أَجَلْ وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَفْعَلُ ذَلِكَ غَضَبًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَا فِيهَا مِنْ سَخَطِهِ» فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا أَكْفِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ «لَا» قَالَ ابْنُ وَهْبٍ:
وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ فِي قِصَّةِ الْحَدِيثِ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبِيدِ اللَّهِ الْمُنَادِي، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ. عَنْ سَعْدٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعُ آيَاتٍ، فذكر الحديث قال:
وصنع رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طَعَامًا فَدَعَانَا، فَشَرِبْنَا الْخَمْرَ قبل أن تحرم حتى انتشينا فتفاخرنا،