وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ [هُودٍ: ٦] أَيْ مُفْصِحٌ بِأَسْمَائِهَا وَأَعْدَادِهَا ومظانها، وحاصر لحركاتها وسكناتها، وقال تَعَالَى: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الْعَنْكَبُوتِ: ٦٠] وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ الْقَيْسِيُّ أَبُو عَبَّادٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَلَّ الْجَرَادُ فِي سَنَةٍ مِنْ سِنِي عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّتِي وَلِيَ فِيهَا، فَسَأَلَ عَنْهُ فَلَمْ يُخْبَرْ بِشَيْءٍ، فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ رَاكِبًا إِلَى كَذَا، وَآخَرَ إِلَى الشَّامِ، وَآخَرَ إِلَى الْعِرَاقِ، يَسْأَلُ هَلْ رُؤِيَ مِنَ الْجَرَادِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: فَأَتَاهُ الرَّاكِبُ الَّذِي مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ بِقَبْضَةٍ مِنْ جَرَادٍ، فَأَلْقَاهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا رَآهَا كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَلْفَ أُمَّةٍ مِنْهَا سِتُّمِائَةٍ فِي الْبَحْرِ وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِي الْبَرِّ وَأَوَّلُ شَيْءٍ يَهْلِكُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ الْجَرَادُ فَإِذَا هَلَكَتْ تَتَابَعَتْ مِثْلَ النِّظَامِ إِذَا قُطِعَ سِلْكُهُ».
وَقَوْلُهُ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ قَالَ:
حَشْرُهَا الْمَوْتُ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «١» مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَوْتُ الْبَهَائِمِ حَشْرُهَا، وَكَذَا رَوَاهُ الْعَوْفِيُّ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ مثله: (والقول الثاني) إن حشرها بعثها يوم القيامة، لقوله وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ، عَنْ أَبِي ذَرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ، فَقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تدري فِيمَ تَنْتَطِحَانِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ «لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا».
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي ذر، قال: بينا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذِ انْتَطَحَتْ عَنْزَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُدْرُونَ فِيمَ انْتَطَحَتَا؟» قَالُوا:
لَا نَدْرِي، قَالَ «لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «٣»، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، فَذَكَرَهُ، وَزَادَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: وَلَقَدْ تَرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُقَلِّبُ طائر جناحيه في السماء، إلا ذكر لنا مِنْهُ عِلْمًا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِ «٤» أَبِيهِ: حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو يَحْيَى الْبَزَّارُ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ مراجم من بني قيس بن

(١) تفسير الطبري ٥/ ١٨٧.
(٢) مسند أحمد ٥/ ١٦٢.
(٣) تفسير الطبري ٥/ ١٨٧.
(٤) مسند أحمد ١/ ٧٢.


الصفحة التالية
Icon