سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ وَأَسْنَدَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عمر مرفوعا ولا يصح أيضا، رواه الترمذي وصححه الحاكم وقال على شرط مسلم.
وَقَالَ السُّدِّيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ قَالَ مَا تَجَلَّى مِنْهُ إِلَّا قَدْرُ الْخِنْصَرِ جَعَلَهُ دَكًّا قَالَ تُرَابًا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً قَالَ مَغْشِيًا عَلَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَالَ قَتَادَةُ وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً قَالَ مَيِّتًا وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ سَاخَ الْجَبَلُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى وَقَعَ فِي الْبَحْرِ فَهُوَ يَذْهَبُ مَعَهُ وَقَالَ سُنَيْدٌ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا انْقَعَرَ فَدَخَلَ تَحْتَ الْأَرْضِ فَلَا يَظْهَرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَجَاءَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ سَاخَ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ يَهْوِي فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو غَسَّانَ الْكِنَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْجَلْدِ بن أيوب عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ لِلْجِبَالِ طَارَتْ لِعَظَمَتِهِ سِتَّةُ أَجْبُلٍ فَوَقَعَتْ ثَلَاثَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَثَلَاثَةٌ بِمَكَّةَ، بِالْمَدِينَةِ أُحُدٌ وَوَرْقَانُ وَرَضْوَى وَوَقَعَ بِمَكَّةَ حِرَاءٌ وَثَبِيرٌ وَثَوْرٌ» وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ بَلْ مُنْكَرٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ذُكِرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بن حصين بن العلاف عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ قَالَ: كَانَتِ الْجِبَالُ قَبْلَ أَنْ يَتَجَلَّى اللَّهُ لِمُوسَى عَلَى الطُّورِ صما ملساء فَلَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ لِمُوسَى عَلَى الطُّورِ دُكَّ وَتَفَطَّرَتِ الْجِبَالُ فَصَارَتِ الشُّقُوقُ وَالْكُهُوفُ وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً وَذَلِكَ أَنَّ الْجَبَلَ حِينَ كُشِفَ الْغِطَاءُ وَرَأَى النُّورَ صَارَ مِثْلَ دَكٍّ مِنَ الدِّكَاكِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ جَعَلَهُ دَكًّا أي فتنة وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَإِنَّهُ أَكْبَرُ مِنْكَ وَأَشَدُّ خَلْقًا فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ فَنَظَرَ إِلَى الْجَبَلِ لَا يَتَمَالَكُ وَأَقْبَلَ الْجَبَلُ فَدُكَّ عَلَى أَوَّلِهِ وَرَأَى مُوسَى مَا يَصْنَعُ الْجَبَلُ فَخَرَّ صَعِقًا وَقَالَ عِكْرِمَةُ جَعَلَهُ دكاء قَالَ نَظَرَ اللَّهُ إِلَى الْجَبَلِ فَصَارَ صَحْرَاءَ تُرَابًا وَقَدْ قَرَأَ بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ بَعْضُ الْقُرَّاءِ وَاخْتَارَهَا ابْنُ جَرِيرٍ «١».
وَقَدْ وَرَدَ فِيهَا حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الصَّعْقَ هو الغشي ها هنا كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ لَا كَمَا فسره قتادة بالموت وإن كان صَحِيحًا فِي اللُّغَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ [الزُّمَرِ: ٦٨] فَإِنَّ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمَوْتِ كَمَا أَنَّ هُنَا قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى الْغَشْيِ. وَهِيَ قوله فَلَمَّا أَفاقَ والإفاقة لا تكون إلا عن غشي قالَ سُبْحانَكَ تنزيها

(١) تفسير الطبري ٦/ ٥٤، ٥٥.


الصفحة التالية
Icon