زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَقَالَ قَتَادَةُ سَلَفُ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَاخْتَارَ ابْنُ جرير قول مجاهد أن الأعمال الصالحة التي قدموها كما يقال له قدم في الإسلام، كقول حسان: [الطويل]
لَنَا الْقَدَمُ الْعُلْيَا إِلَيْكَ وَخَلْفُنَا | لِأَوَّلِنَا فِي طاعة الله تابع «١» |
لَكُمْ قَدَمٌ لَا يُنْكِرُ النَّاسُ أَنَّهَا | مَعَ الْحَسَبِ الْعَادِيِّ طَمَّتْ عَلَى الْبَحْرِ «٢» |
[سورة يونس (١٠) : آية ٣]
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣)
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ رَبُّ الْعَالَمِ جَمِيعِهِ، وَأَنَّهُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ قِيلَ كَهَذِهِ الْأَيَّامِ وَقِيلَ كُلُّ يَوْمٍ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ كما سيأتي بيانه ثم على استوى الْعَرْشِ وَالْعَرْشُ أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ وَسَقْفُهَا. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدًا الطَّائِيَّ يَقُولُ: الْعَرْشُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ، وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ خَلَقَهُ اللَّهُ من نوره وهذا غريب. وقوله: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ أَيْ يُدَبِّرُ أَمْرَ الْخَلَائِقِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ [سَبَأٍ: ٣] وَلَا يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شأن ولا تغلطه الْمَسَائِلُ وَلَا يَتَبَرَّمُ بِإِلْحَاحِ الْمُلِحِّينَ وَلَا يُلْهِيهِ تَدْبِيرُ الْكَبِيرِ عَنِ الصَّغِيرِ فِي الْجِبَالِ وَالْبِحَارِ وَالْعِمْرَانِ وَالْقَفَارِ وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها [هود: ٦] الْآيَةَ.
وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الْأَنْعَامِ: ٥٩] وَقَالَ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كعب أَنَّهُ قَالَ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الآية، لَقِيَهُمْ رَكْبٌ عَظِيمٌ لَا يَرَوْنَ إِلَّا أَنَّهُمْ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالُوا لَهُمْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: مِنَ الْجِنِّ خَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ أَخْرَجَتْنَا هَذِهِ الْآيَةُ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَقَوْلُهُ: مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى [النَّجْمِ: ٢٦] وَقَوْلُهُ: وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ
(١) البيت لحسان بن ثابت الأنصاري في ديوانه ص ٢٤١، ولسان العرب (خلف)، والمخصص ١٦/ ١٨٩، وتاج العروس (خلف)، والمذكر والمؤنث للأنباري ص ١٩٧، والمستقصى ٢/ ٣٠١. وتفسير الطبري ٦/ ٥٢٩. [.....]
(٢) البيت الذي الرمة في تفسير البحر المحيط ٥/ ١٢٧، وتفسير الطبري ٦/ ٥٢٩.
(٢) البيت الذي الرمة في تفسير البحر المحيط ٥/ ١٢٧، وتفسير الطبري ٦/ ٥٢٩.