قَالَ: «فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ» قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: «فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ «فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارِكُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا» ثُمَّ قَالَ: تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحَيٌّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى تَعْبِيرِ هَذَا الْمَنَامِ أَنَّ الْأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا عِبَارَةٌ عَنْ إِخْوَتِهِ، وَكَانُوا أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا سِوَاهُ، وَالشَّمْسَ والقمر عبارة عن أمه وأبيه. رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَقَدْ وَقَعَ تَفْسِيرُهَا بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: ثَمَانِينَ سَنَةً، وَذَلِكَ حِينَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَهُوَ سَرِيرُهُ وَإِخْوَتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا [يُوسُفَ: ١٠٠].
وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا، فَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ «١» :
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مَنْ يَهُودَ يُقَالُ لَهُ بُسْتَانَةُ الْيَهُودِيُّ، فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَآهَا يُوسُفُ أَنَّهَا سَاجِدَةٌ لَهُ، مَا أَسْمَاؤُهَا؟ قَالَ: فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ. وَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَهُ بِأَسْمَائِهَا، قَالَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «هَلْ أنت مؤمن إذا أخبرتك بأسمائها؟» فقال: نعم. قال «جريان، وَالطَّارِقُ، وَالذَّيَّالُ، وَذُو الكَنَفَاتِ، وَقَابِسٌ، وَوَثَّابٌ، وَعَمُودَانُ، وَالْفَيْلَقُ، وَالْمُصَبِّحُ، وَالضَّرُوحُ، وَذُو الْفَرْغِ، والضِّيَاءُ، وَالنُّورُ» فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: إِي وَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَسْمَاؤُهَا.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَيْرٍ. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْحَافِظَانِ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مَسْنَدَيْهِمَا، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، أَمَّا أَبُو يَعْلَى فَرَوَاهُ عَنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ شُيُوخِهِ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَيْرٍ بِهِ، وَزَادَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا رَآهَا يُوسُفُ قَصَّهَا عَلَى أَبِيهِ يَعْقُوبَ فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: هَذَا أَمْرٌ مُتَشَتَّتٌ يَجْمَعُهُ اللَّهُ مِنْ بَعْدُ، - قَالَ- وَالشَّمْسُ أَبُوهُ وَالْقَمَرُ أُمُّهُ» تَفَرَّدَ بِهِ الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ الْفَزَارِيُّ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ وَتَرَكَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَقَالَ الْجَوْزَجَانِيٌ: سَاقِطٌ وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ حُسْنِ، ثم ذكر الحديث المروي عن جابر أن يهوديا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكواكب التي رآها يوسف، ما أسماؤها؟ وأنه أجابه، ثم قال: تفرد به الحكم بن ظهير، وقد ضعفه الأربعة.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٥]
قالَ يا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥)

(١) تفسير الطبري ٧/ ١٤٨.


الصفحة التالية
Icon