الْإِمَامُ ابْنُ جَرِيرٍ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: [مجزوء الكامل]
أبلغ أمير المؤمنين... أخا العراق إذا أتيتا «١»
إِنَّ الْعِرَاقَ وَأَهْلَهُ... عُنُقٌ إِلَيْكَ فَهَيْتَ هَيْتَا
يَقُولُ: فَتَعَالَ وَاقْتَرِبْ، وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ هِئِتُ لك بكسر الهاء وبالهمز وَضَمِّ التَّاءِ، بِمَعْنَى تَهَيَّأْتُ لَكَ مِنْ قَوْلِ القائل هئت بالأمر أهيء هَيْئَةً، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ: ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَأَبُو وَائِلٍ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ، وَكُلُّهُمْ يُفَسِّرُهَا بِمَعْنَى تَهَيَّأْتُ لَكَ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ يُنْكِرَانِ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ: هَيْتِ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ التَّاءِ، وَهِيَ غَرِيبَةٌ، وَقَرَأَ آخَرُونَ مِنْهُمْ عَامَّةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَيْتُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّ التَّاءِ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشاعر: [الوافر]
لَيْسَ قَوْمِي بِالْأَبْعَدِينَ إِذَا مَا... قَالَ دَاعٍ مَنَ الْعَشِيرِةِ هَيْتُ «٢»
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قال ابن مسعود وقد سمع القراء: سمعتهم متقاربين، فاقرؤوا كما علمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف، وإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال. ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: هَيْتَ لَكَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ نَاسًا يَقْرَءُونَهَا هيت. قال عبد الله: أن أقرأها كَمَا عُلِّمْتُ أَحَبُّ إِلَيَّ «٣».
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٤» : حَدَّثَنِي ابْنُ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هَيْتَ لَكَ، فَقَالَ لَهُ مَسْرُوقٌ: إِنَّ نَاسًا يَقْرَءُونَهَا: هَيْتُ لَكَ، فَقَالَ: دَعُونِي فَإِنِّي أَقْرَأُ كَمَا أُقْرِئْتُ، أَحَبُّ إِلَيَّ، وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قال: هيت لك بنصب الهاء والتاء، ولا نهمز. وَقَالَ آخَرُونَ:
هِيتُ لَكَ بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَإِسْكَانِ الياء، وضم التاء. قال أبو عبيد مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: هَيْتَ لَا تُثَنَّى، وَلَا تُجْمَعُ، وَلَا تُؤَنَّثُ، بَلْ يُخَاطَبُ الْجَمِيعُ بِلَفْظٍ واحد، فيقال: هيت لك، وهيت لكم، وهيت لكما، وهيت لكن، وهيت لهن.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٢٤]
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤)
(٢) البيت لطرفة بن العبد في تفسير الطبري ٧/ ١٧٩، وليس في ديوانه.
(٣) انظر تفسير الطبري ٧/ ١٧٩.
(٤) تفسير الطبري ٧/ ١٧٩.