عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ الْآيَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا عَفْوُ اللَّهِ وَتَجَاوُزُهُ مَا هَنَّأَ أَحَدًا الْعَيْشُ، وَلَوْلَا وعيده وعقابه لا تكل كُلُّ أَحَدٍ» وَرَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ أَبِي حَسَّانَ الزِّيَادَيِّ أَنَّهُ رَأَى رَبَّ الْعِزَّةِ فِي النَّوْمِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ يُشَفَّعُ فِي رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ يَكْفِكَ أَنِّي أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ قال: ثم انتبهت.
[سورة الرعد (١٣) : آية ٧]
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (٧)
يَقُولُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ كُفْرًا وَعِنَادًا: لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ، كَمَا تَعَنَّتُوا عَلَيْهِ أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن يزيح عَنْهُمُ الْجِبَالَ، وَيَجْعَلَ مَكَانَهَا مُرُوجًا وَأَنْهَارًا، قَالَ تَعَالَى: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ [الإسراء: ٥٩] الآية، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ أَيْ إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تُبَلِّغَ رِسَالَةَ اللَّهِ الَّتِي أمرك بها، ولَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [الْبَقَرَةِ: ٢٧٢] وَقَوْلُهُ: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ لكل قَوْمٍ دَاعٍ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في الآية: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ مُنْذِرٌ، وَأَنَا هَادِي كُلَّ قَوْمٍ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ وغير واحد. وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أَيْ نَبِيٌّ، كقوله: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ [فَاطِرٍ: ٢٤]، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ وَيَحْيَى بْنُ رَافِعٍ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أَيْ قَائِدٍ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: الْهَادِي الْقَائِدُ، وَالْقَائِدُ الْإِمَامُ، وَالْإِمَامُ الْعَمَلُ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ وَأَبِي الضُّحَى وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ قالا: هو محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ مَالِكٌ:
وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا معاذ بن مسلم، حدثنا الْهَرَوِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ قَالَ: وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يديه عَلَى صَدْرِهِ وَقَالَ: «أَنَا الْمُنْذِرُ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى مَنْكِبِ عَلَيٍّ، فَقَالَ «أَنْتَ الْهَادِي يَا عَلِيُّ بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ مِنْ بَعْدِي»، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ نَكَارَةٌ شَدِيدَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلَيٍّ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ قَالَ: الْهَادِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. قَالَ الْجُنَيْدُ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ وَعَنْ أَبِي جعفر محمد بن علي نحو ذلك.

(١) تفسير الطبري ٧/ ٣٤٤.


الصفحة التالية
Icon