عَلِيُّ بْنُ أَبِي سَارَّةَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا مَرَّةً إِلَى رَجُلٍ مِنْ فَرَاعِنَةِ الْعَرَبِ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَادْعُهُ لِي». قَالَ: فَذَهَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَدْعُوكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ رَسُولُ اللَّهِ، وَمَا اللَّهُ، أَمِنْ ذَهَبٍ هُوَ، أَمْ مِنْ فِضَّةٍ هُوَ، أَمْ مِنْ نُحَاسٍ هُوَ؟ قَالَ:
فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ أَعْتَى مِنْ ذَلِكَ، قال لي كذا وكذا، فقال لي: «ارجع إليه الثانية» فَذَهَبَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَهَا، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ أَعْتَى مِنْ ذلك، فقال: «ارْجِعْ إِلَيْهِ فَادْعُهُ» فَرَجَعَ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ، قَالَ:
فأعاد عليه ذلك الكلام، فبينما هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَحَابَةً حِيَالَ رَأْسِهِ، فَرَعَدَتْ فَوَقَعَتْ مِنْهَا صَاعِقَةٌ، فذهب بقحف رأسه «١»، فأنزل الله عز وجل وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ الآية، وَرَوَاهُ ابْنَ جَرِيرٍ «٢» مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي سَارَّةَ بِهِ.
وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ دَيْلَمِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صُحَارٍ الْعَبْدِيِّ أَنَّهُ بلغه أن النبي ﷺ بَعَثَهُ إِلَى جَبَّارٍ يَدْعُوهُ فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ رَبَّكُمْ أذهب هو؟ أم فضة هو؟ أم لؤلؤ هو؟ قال: فبينما هُوَ يُجَادِلُهُمْ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ، فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ صَاعِقَةً، فَذَهَبَتْ بِقِحْفِ رَأْسِهِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ «٣». وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: جَاءَ يَهُودِيٌّ فَقَالَ:
يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عن ربك، من أي شيء هو؟ من نحاس هو، أم مَنْ لُؤْلُؤٍ أَوْ يَاقُوتٍ؟ قَالَ:
فَجَاءَتْ صَاعِقَةٌ فأخذته، وأنزل الله وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ الْآيَةَ «٤».
وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا أَنْكَرَ الْقُرْآنَ، وَكَذَّبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأرسل الله صاعقة فأهلكته، وأنزل الله وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ الْآيَةَ «٥»، وَذَكَرُوا فِي سَبَبِ نُزُولِهَا قِصَّةَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ وَأَرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ، لَمَّا قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَسَأَلَاهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمَا نِصْفَ الْأَمْرِ، فَأَبَى عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ- لَعَنَهُ اللَّهُ-: أَمَا وَاللَّهِ لِأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا جُرْدًا «٦» وَرِجَالًا مُرْدًا «٧»، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْبَى اللَّهُ عليك ذلك وأبناء قيلة» «٨» يعني

(١) القحف: أعلى الدماغ.
(٢) تفسير الطبري ٧/ ٣٦١.
(٣) تفسير الطبري ٧/ ٣٦٠، ٣٦١.
(٤) تفسير الطبري ٧/ ٣٦١. [.....]
(٥) تفسير الطبري ٧/ ٣٦١.
(٦) الخيل الجرد: هو الذي يسبق الخيل وينجرد عنه لسرعته.
(٧) المرد: هو الشاب الذي طر شاربه ولم تنبت لحيته.
(٨) قيلة: امرأة ينتسب إليها الأوس والخزرج.


الصفحة التالية
Icon