وليس بشيء، فانتفض بِهِ فَقَتَلَهُ، وَمَرَّ بِهِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَأَشَارَ إِلَى أَخْمَصِ قَدَمِهِ فَخَرَجَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ يُرِيدُ الطَّائِفَ، فَرَبَضَ عَلَى شِبْرِقَةٍ «١» فَدَخَلَتْ في أخمص قدمه فَقَتَلَتْهُ، وَمَرَّ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةِ فَأَشَارَ إِلَى رَأْسِهِ فَامْتَخَطَ «٢» قَيْحًا فَقَتَلَهُ «٣».
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَأْسُهُمُ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ الَّذِي جَمَعَهُمْ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ نحو سياق محمد بن إسحاق به، عَنْ يَزِيدَ عَنْ عُرْوَةَ بِطُولِهِ، إِلَّا أَنَّ سعيدا يقول: الحارث ابن غَيْطَلَةَ، وَعِكْرِمَةُ يَقُولُ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَصِدْقًا هُوَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَأُمُّهُ غَيْطَلَةُ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمِقْسَمٍ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَةً. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ:
كَانُوا سَبْعَةً، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ: وَقَوْلُهُ: الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ تَهْدِيدٌ شديد ووعيد أكيد لمن جعل مع لله معبود آخَرَ.
وَقَوْلُهُ: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ أَيْ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ يَا مُحَمَّدُ أَنَّكَ يحصل لك من أذاهم لك ضيق صدر وانقباض فَلَا يَهِيدَنَّكَ ذَلِكَ وَلَا يَثْنِيَنَّكَ عَنْ إِبْلَاغِكَ رسالة الله، وتوكل عليه فَإِنَّهُ كَافِيكَ وَنَاصِرُكَ عَلَيْهِمْ، فَاشْتَغِلْ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتَحْمِيدِهِ وَتَسْبِيحِهِ وَعِبَادَتِهِ الَّتِي هِيَ الصَّلَاةُ، وَلِهَذَا قال: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ.
كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٤» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تعالى يَا ابْنَ آدَمَ لَا تَعْجِزْ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكفِكَ آخِرَهُ» وَرَوَاهُ أبو داود والنسائي مِنْ حَدِيثِ مَكْحُولٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ بِنَحْوِهِ، وَلِهَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى.
وَقَوْلُهُ: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ سَالِمٌ: الْمَوْتُ، وَسَالِمٌ هَذَا هُوَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، كَمَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ قَالَ: الْمَوْتُ، وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَغَيْرُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ أَهْلِ النَّارِ أَنَّهُمْ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ
(٢) امتخط: أي أخرجه مخاطا من أنفه.
(٣) انظر سيرة ابن هشام ١/ ٤٠٩، ٤١٠، وتفسير الطبري ٧/ ٥٥٠، ٥٥١.
(٤) المسند ٥/ ٢٨٦.