السبيعي عن أبي ميسرة عمرو بْنِ شُرَحْبِيلَ: كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَأْكُلُ من غزل أمه «١».
وفي الصحيح «وما مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ» قَالُوا: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وأنا كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ» «٢». وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ» «٣». وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَحَبَّ الْقِيَامِ إِلَى اللَّهِ قِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى» «٤».
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ أَنَّ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ أُخْتَ شَدَّادِ بن أوس قال: بَعَثَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ عِنْدَ فِطْرِهِ وَهُوَ صَائِمٌ، وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَشِدَّةِ الْحَرِّ، فَرَدَّ إِلَيْهَا رَسُولَهَا أَنَّى كَانَتْ لَكِ الشَّاةُ؟ فَقَالَتِ: اشْتَرَيْتُهَا من مالي، فشرب منه، فلما كان من الْغَدُ أَتَتْهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ أُخْتُ شَدَّادٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِلَبَنٍ، مَرْثِيَّةً لَكَ مِنْ طُولِ النَّهَارِ، وَشِدَّةِ الْحَرِّ، فَرَدَدْتَ إِلَيَّ الرَّسُولَ فِيهِ، فَقَالَ لَهَا: «بِذَلِكَ أمرت الرسل: أن لا تَأْكُلَ إِلَّا طَيَّبًا، وَلَا تَعْمَلَ إِلَّا صَالِحًا».
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَمُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاللَّفْظُ لَهُ، مِنْ حَدِيثِ فُضَيْلِ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيَّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ [الْبَقَرَةِ: ١٧٢] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ» «٥» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ.
وَقَوْلُهُ: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً أَيْ دِينُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ دِينٌ وَاحِدٌ وَمِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ الدَّعْوَةُ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ أُمَّةً واحِدَةً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ. وَقَوْلُهُ: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً أَيِ الأمم الذين بعثت إِلَيْهِمُ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ أي
(٢) أخرجه البخاري في التجارات باب ٥.
(٣) أخرجه البخاري في البيوع باب ١٥.
(٤) أخرجه البخاري في الصوم باب ٥٧، والأنبياء باب ٣٧، ومسلم في الصوم حديث ١٨٦، ١٨٧.
(٥) أخرجه مسلم في الزكاة حديث ٦٥، والترمذي في تفسير سورة ٢، باب ٣٦، والأدب باب ٤١، وأحمد في المسند ٢/ ٣٢٨.