[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٥ الى ١٧]
إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا أَيْ إِنَّمَا يُصَدِّقُ بِهَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً أَيِ اسْتَمَعُوا لَهَا وَأَطَاعُوهَا قَوْلًا وَفِعْلًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ أي عن أتباعهم وَالِانْقِيَادِ لَهَا كَمَا يَفْعَلُهُ الْجَهَلَةُ مِنَ الْكَفَرَةِ الفجرة، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [غَافِرٍ: ٦٠] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَعْنِي بِذَلِكَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَتَرْكَ النَّوْمِ وَالِاضْطِجَاعِ عَلَى الْفُرَشِ الْوَطِيئَةِ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَعْنِي بِذَلِكَ قِيَامَ اللَّيْلِ.
وَعَنْ أَنَسٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَأَبِي حَازِمٍ وَقَتَادَةَ: هُوَ الصَّلَاةُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، وَعَنْ أَنَسٍ أَيْضًا: هُوَ انْتِظَارُ صَلَاةِ الْعَتَمَةِ. ورواه ابْنُ جَرِيرٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ وَصَلَاةُ الْغَدَاةِ فِي جَمَاعَةٍ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً أَيْ خَوْفًا مِنْ وَبَالِ عِقَابِهِ وَطَمَعًا فِي جَزِيلِ ثَوَابِهِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ فِعْلِ الْقُرُبَاتِ اللَّازِمَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ، وَمُقَدَّمُ هَؤُلَاءِ وَسَيِّدُهُمْ وَفَخْرُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: [الطويل]
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ | إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الصُّبْحِ سَاطِعُ «١» |
أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى، فَقُلُوبُنَا | بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ |
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ | إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ |
(١) البيت الثالث لعبد الله بن رواحة في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٥/ ٣٦، وروح المعاني ٢٣/ ٤٨، وتفسير البحر المحيط ٧/ ٣٣٠.
(٢) المسند ١/ ٤١٦.
(٣) كتاب الجهاد باب ٣٦. [.....]
(٢) المسند ١/ ٤١٦.
(٣) كتاب الجهاد باب ٣٦. [.....]