فِي حِجْرِي مَعِي فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: نعم فرددت عليه ليرخص لي فأبى، فقال: تُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ قَالَ: فَرَاجَعْتُهُ أَيْضًا. فَقَالَ: أَتُحِبُّ أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ؟ قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ: فَاسْتَأْذِنْ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا مِنِ امْرَأَةٍ أَكْرَهُ إِلَيَّ أَنْ أَرَى عُرْيَتَهَا مِنْ ذَاتِ مَحْرَمٍ، قَالَ: وَكَانَ يُشَدِّدُ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ. سَمِعْتُ هُزَيلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ الْأَوْدِيَّ الْأَعْمَى أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: عَلَيْكُمُ الْإِذْنُ عَلَى أُمَّهَاتِكُمْ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ: لَا وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ يُعْلِمَهَا بِدُخُولِهِ وَلَا يُفَاجِئَهَا بِهِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تُحِبُّ أَنْ يَرَاهَا عَلَيْهَا. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ يحيى بْنِ الْجَزَّارِ عَنِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ- امْرَأَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ- عَنْ زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا جَاءَ مِنْ حَاجَةٍ فَانْتَهَى إِلَى الْبَابِ تَنَحْنَحَ وبزق كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه، إسناده صَحِيحٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ. قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إذا دخل الدار استأنس وتكلم ورفع صوته، وقال مُجَاهِدٌ: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا، قَالَ: تَنَحْنَحُوا أَوْ تَنَخَّمُوا. وَعَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَتَنَحْنَحَ أَوْ يُحَرِّكَ نَعْلَيْهِ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا- وَفِي رِوَايَة- لَيْلًا يَتَخوَّنُهُمْ «٢»، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَهَارًا، فَأَنَاخَ بظاهرها، وقال «انتظروا حتى ندخل عشاء- يعني آخر النهار- حتى تمشط الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ» «٣».
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ واصل بن السائب، حدثني أبو ثورة ابْنِ أَخِي أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّلَامُ، فما الاستئناس؟ قال «يتكلم الرجل بتسبيحة أو تكبيرة أو تحميدة وَيَتَنَحْنَحُ فَيُؤْذِنُ أَهْلَ الْبَيْتِ» «٤» هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وقال قتادة في قوله حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا هو الاستئذان ثلاثا، فمن لم يؤذن له منهم فَلْيَرْجِعْ، أَمَّا الْأُولَى فَلْيُسْمِعِ الْحَيَّ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَإِنْ شَاءُوا أَذِنُوا وَإِنْ شَاءُوا رَدُّوا، وَلَا تَقِفَنَّ عَلَى بَابِ قوم ردوك

(١) تفسير الطبري ٩/ ٢٩٧.
(٢) أخرجه البخاري في العمرة باب ١٦، والنكاح باب ١٢٠، ومسلم في الإمارة حديث ١٨٠، ١٨٤، والترمذي في الاستئذان باب ١٩.
(٣) أخرجه البخاري في النكاح باب ١٢١، ١٢٢، ومسلم في الإمارة حديث ١٨١، ١٨٢.
(٤) انظر الدر المنثور ٥/ ٦٩.


الصفحة التالية
Icon