قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أهل السماء الذي يلونهم حتى يبلغ التسبيح السماء الدُّنْيَا، ثُمَّ يَسْتَخْبِرُ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ، فَيَقُولُ الَّذِينَ يَلُونُ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ، وَيُخْبِرُ أَهْلُ كُلِّ سَمَاءٍ سَمَاءً، حَتَّى يَنْتَهِيَ الْخَبَرُ إِلَى هَذِهِ السَّمَاءِ وَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَيُرْمَوْنَ، فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَفْرِقُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ».
هَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ «١» فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَيُونُسَ وَمَعْقِلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَرْبَعَتُهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ ابن عباس رضي الله عنهما، عن رجل من الأنصار به. وقال يونس عن رجال من الأنصار رضي الله عنهم، وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ «٢» فِيهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حُرَيْثٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيثٌ آخَرُ] قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ سَيَّارٍ الرَّمَادِيُّ، وَالسِّيَاقُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي زكريا عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سمعان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تبارك وتعالى أَنْ يُوحِيَ بِأَمْرِهِ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ أخذت السموات مِنْهُ رَجْفَةٌ- أَوْ قَالَ رِعْدَةٌ- شَدِيدَةٌ مِنْ خوف الله تعالى، فإذا سمع بذلك أهل السموات صَعِقُوا وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا، فَيَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يرفع رأسه جبريل عليه الصلاة والسلام، فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ بِمَا أَرَادَ، فَيَمْضِي به جبريل عليه الصلاة والسلام على الملائكة، كلما مر بسماء سماء يسأله مَلَائِكَتُهَا مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَيَقُولُ عليه السلام:
قَالَ الْحَقُّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ إلى حيث أمره الله تعالى مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»
.
وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبَانٍ الْمِصْرِيِّ عن نعيم بْنِ حَمَّادٍ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لَيْسَ هذا الحديث بالتام عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَعَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُمَا فَسَرَّا هَذِهِ الْآيَةَ بِابْتِدَاءِ إيحاء الله تعالى إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الفترة التي كانت بينه وبين عيسى عليه الصلاة والسلام، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا أَوْلَى مَا دَخَلَ في هذه الآية.

(١) كتاب السلام حديث ١٢٤.
(٢) كتاب التفسير، تفسير سورة ٣٤، باب ٣.


الصفحة التالية
Icon