إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
غَلَبَ الشَّيْطَانُ النَّاسَ عَلَى ثَلَاثِ آيَاتٍ فَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إلى آخر الآية.
وروى أبو داود: حدثنا ابن الصباح وابن سُفْيَانَ وَابْنُ عَبْدَةَ وَهَذَا حَدِيثُهُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمْ يُؤْمِنْ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ آيَةَ الْإِذْنِ، وَإِنِّي لَآمُرُ جَارِيَتِي هَذِهِ تَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ «١» : وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِهِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ؟ قَالَ:
لَمْ تُنْسَخْ. قُلْتُ: فَإِنَّ النَّاسَ لَا يَعْمَلُونَ بِهَا. فَقَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ سَأَلَاهُ عَنِ الِاسْتِئْذَانِ فِي الثَّلَاثِ عَوْرَاتٍ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللَّهَ سِتِّيرٌ يُحِبُّ السَّتْرَ. كَانَ النَّاسُ لَيْسَ لَهُمْ سُتُورٌ عَلَى أَبْوَابِهِمْ، وَلَا حِجَالٌ فِي بُيُوتِهِمْ، فَرُبَّمَا فَاجَأَ الرَّجُلَ خَادِمُهُ أَوْ وَلَدُهُ أَوْ يَتِيمُهُ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ عَلَى أَهْلِهِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَأْذِنُوا فِي تِلْكَ الْعَوْرَاتِ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ. ثُمَّ جَاءَ اللَّهُ بَعْدُ بِالسُّتُورِ، فَبَسَطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرِّزْقَ، فَاتَّخَذُوا السُّتُورَ وَاتَّخَذُوا الْحِجَالَ، فَرَأَى النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَفَاهُمْ مِنَ الِاسْتِئْذَانِ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ «٢» عَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو بِهِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ أُنَاسٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُحِبُّونَ أَنَّ يُوَاقِعُوا نِسَاءَهُمْ فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ لِيَغْتَسِلُوا ثُمَّ يَخْرُجُوا إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَأْمُرُوا الْمَمْلُوكَيْنِ وَالْغِلْمَانَ أن لا يَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: بَلَغَنَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَامْرَأَتَهُ أَسْمَاءَ بِنْتَ مرثد صَنَعَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ بِغَيْرِ إِذَنٍ، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقْبَحَ هَذَا، إِنَّهُ لَيَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَزَوجِهَا- وَهُمَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ- غُلَامُهُمَا بِغَيْرِ إِذَنٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إلى آخرها، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ لَمْ تُنْسَخْ قَوْلُهُ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يَعْنِي إِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ الَّذِينَ إِنَّمَا كَانُوا يَسْتَأْذِنُونَ فِي الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ، إِذَا بَلَغُوا الْحُلُمَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَأْذِنُوا عَلَى كُلِّ حَالٍ، يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَجَانِبِهِمْ وَإِلَى الْأَحْوَالِ الَّتِي يَكُونُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ، وَإِنْ لم يكن في الأحوال الثلاث.

(١) كتاب الأدب باب ١٣٠.
(٢) كتاب الحمام باب ١.


الصفحة التالية
Icon