ولا رب سواه إِلَيْهِ الْمَصِيرُ أي إليه الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ فَيُجَازِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ [الرَّعْدِ: ٤٦] وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ السُّبَيْعِيَّ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَتَلْتُ فهل لي من توبة فقرأ عمر رضي الله عنه حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ وَقَالَ اعْمَلْ وَلَا تَيْأَسْ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَاللَّفْظُ لَهُ وَابْنُ جَرِيرٍ «١».
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرقي حدثنا عمر يعني ابن أيوب حَدَّثَنَا جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ذُو بَأْسٍ وَكَانَ يَفِدُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَفَقَدَهُ عُمَرُ فَقَالَ مَا فَعَلَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَقَالُوا يَا أمير المؤمنين تتابع فِي هَذَا الشَّرَابِ. قَالَ فَدَعَا عُمَرُ كَاتِبَهُ: فَقَالَ اكْتُبْ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى فلان بن فلان سَلَامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ غَافِرُ الذَّنْبِ وَقَابِلُ التَّوْبِ شَدِيدُ العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إِلَيْهِ الْمَصِيرُ. ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ ادْعُوَا اللَّهَ لِأَخِيكُمْ أَنْ يُقْبِلَ بِقَلْبِهِ وَأَنْ يَتُوبَ اللَّهُ عليه، فلما بلغ الرجل كتاب عمر رضي الله عنه جَعْلَ يَقْرَؤُهُ وَيُرَدِّدُهُ وَيَقُولُ: غَافِرُ الذَّنْبِ وَقَابِلُ التَّوْبِ شَدِيدُ الْعِقَابِ، قَدْ حَذَّرَنِي عُقُوبَتَهُ وَوَعَدَنِي أَنْ يَغْفِرَ لِي. وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ وَزَادَ فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ بَكَى ثُمَّ نزع فأحسن النزع، فلما بلغ عمر خبره قال هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخا لكم زل زلة فسد دوه ووثقوه وَادْعُوا اللَّهَ لَهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ وَلَا تَكُونُوا أَعْوَانًا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن واقد حدثنا أَبُو عُمَرَ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ قَالَ كنت مع مصعب بن الزبير رضي الله عنه في سواد الكوفة قد خلت حَائِطًا أَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَافْتَتَحْتُ حم الْمُؤْمِنِ حَتَّى بَلَغْتُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ فَإِذَا رَجُلٌ خَلْفِي عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ يَمَنِيَّةٌ فَقَالَ إِذَا قُلْتَ غَافِرِ الذَّنْبِ فَقُلْ يَا غَافِرَ الذَّنْبِ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَإِذَا قُلْتَ وَقَابِلِ التَّوْبِ فَقُلْ يَا قَابِلَ التَّوْبِ اقْبَلْ تَوْبَتِي، وَإِذَا قُلْتَ شَدِيدُ الْعِقَابِ فَقُلْ يَا شَدِيدَ الْعِقَابِ لَا تُعَاقِبْنِي، قَالَ فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا فَخَرَجْتُ إِلَى الْبَابِ فَقُلْتُ مَرَّ بِكُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتٌ يَمَنِيَّةٌ، قَالُوا مَا رَأَيْنَا أَحَدًا فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ إِلْيَاسُ، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ ثابت بنحوه وليس فيه ذكر إلياس والله سبحانه وتعالى أعلم.
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٤ الى ٦]
مَا يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٥) وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٦)