يقول تعالى مخبرا عما يعذب به الْكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ لِلِقَائِهِ: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ وَالْأَثِيمُ: أَيْ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ، وَهُوَ الْكَافِرُ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ أَبُو جَهْلٍ، وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَكِنْ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِهِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ أَنْ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَانَ يُقْرِئُ رَجُلًا إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ فقال: طعام اليتيم، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: قُلْ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْفَاجِرِ أَيْ ليس له طعام من غيرها، قال مجاهد: ولو وقعت قَطْرَةٌ فِي الْأَرْضِ لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ معيشتهم، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُهُ مَرْفُوعًا، وَقَوْلُهُ:
كَالْمُهْلِ قَالُوا: كَعَكَرِ الزَّيْتِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ أي من حرارتها ورداءتها، وقوله: خُذُوهُ أي الْكَافِرَ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا قَالَ للزبانية خُذُوهُ ابتدره سبعون ألفا منهم، وقوله: فَاعْتِلُوهُ أَيْ سُوقُوهُ سَحْبًا وَدَفْعًا فِي ظَهْرِهِ، قَالَ مُجَاهِدٌ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ أَيْ خُذُوهُ فَادْفَعُوهُ، وقال الفرزدق: [الكامل]
لَيْسَ الْكِرَامُ بِنَاحِلِيكَ أَبَاهُمُ | حَتَّى تُرَدَّ إِلَى عَطِيَّةَ تُعْتَلُ «١» |
وَقَدْ قَالَ الأموي في مغازيه: حدثنا أسباط بن محمد، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ لَكَ، أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى [الْقِيَامَةِ: ٣٤- ٣٥] قَالَ: فَنَزَعَ ثَوْبَهُ مِنْ يَدِهِ وَقَالَ: مَا تَسْتَطِيعُ لِي أَنْتَ وَلَا صَاحِبُكَ مِنْ شَيْءٍ، وَلَقَدْ عَلِمْتَ أَنِّي أَمْنَعُ أَهْلِ الْبَطْحَاءِ وَأَنَا الْعَزِيزُ الكريم، قال فقتله الله يَوْمَ بَدْرٍ وَأَذَلَّهُ وَعَيَّرَهُ بِكَلِمَتِهِ وَأَنْزَلَ: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ. وقوله عز وجل: إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ [الطُّورِ: ١٣- ١٥] وَلِهَذَا قال تعالى هَاهُنَا: إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ.