حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ طَفِقُوا يَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ، ذَاهِبِينَ حَتَّى بَقِيَ مِنْهُمْ رهط، ففرغ رسول الله مَعَ الْفَجْرِ فَانْطَلَقَ فَتَبَرَّزَ ثُمَّ أَتَانِي فَقَالَ: مَا فَعَلَ الرَّهْطُ. فَقُلْتُ: هُمْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُمْ عَظْمًا وَرَوْثًا زَادًا، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ أَحَدٌ بِرَوْثٍ أَوْ عَظْمٍ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «١» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وهب بْنِ رَاشِدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ بِهِ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ عَنِ يُونُسَ بِهِ، وَقَدْ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَنْ جَرِيرٌ عَنْ قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابن مسعود رضي الله عنه، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُوُ نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى عَنِ ابن مسعود رضي الله عنه، فَذَكَرَ نَحْوَهُ أَيْضًا.
[طَرِيقٌ أُخْرَى] قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَعِكْرِمَةُ قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنِي أَبُو تَمِيمَةَ عَنْ عَمْرٍو، وَلَعَلَّهُ قَدْ يَكُونُ قَالَ الْبِكَالِيُّ يُحَدِّثُهُ عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
اسْتَتْبَعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، فَخَطَّ لِي خَطًّا فَقَالَ: «كُنْ بَيْنَ ظَهْرِ هَذِهِ لَا تَخْرُجُ مِنْهَا فإنك إن خرجت هَلَكْتَ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ غَرَابَةٌ شَدِيدَةٌ.
[طَرِيقٌ أُخْرَى] قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ قال لابن مسعود رضي الله عنه:
حُدِّثْتُ أَنَّكَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ وَفْدِ الْجِنِّ. قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَّ عَلَيْهِ خَطًّا وَقَالَ: «لَا تَبْرَحْ مِنْهَا» فَذَكَرَ مِثْلَ الْعَجَاجَةِ السَّوْدَاءِ غَشِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذُعِرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الصُّبْحِ أَتَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَنِمْتَ؟» فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ مِرَارًا أَنْ أَسْتَغِيثَ بِالنَّاسِ حَتَّى سَمِعْتُكَ تُقَرِّعُهُمْ بِعَصَاكَ تَقُولُ «اجلسوا» فقال صلى الله عليه وسلم: «لو خرجت لم آمن أن يتخطفك بعضهم» ثم قال ﷺ «هل رأيت شيئا؟» قلت: نعم رأيت رجالا سودا مستشعرين ثيابا بيضا قال صلى الله عليه وسلم: «أُولَئِكَ جِنُّ نَصِيبِينَ سَأَلُونِي الْمَتَاعَ- وَالْمَتَاعُ الزَّادُ- فَمَتَّعْتُهُمْ بِكُلِّ عَظْمٍ حَائِلٍ أَوْ بَعْرَةٍ أَوْ رَوْثَةٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُغْنِي ذلك عنهم؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ عَظْمًا إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهِ لَحْمَهُ يَوْمَ أُكِلَ. وَلَا رَوْثًا إِلَّا وَجَدُوا فِيهَا حَبَّهَا يَوْمَ أُكِلَتْ، فَلَا يَسْتَنْقِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ بِعَظْمٍ وَلَا بَعْرَةٍ وَلَا رَوْثَةٍ».
[طَرِيقٌ أُخْرَى] قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي وأبو نصر بن

(١) تفسير الطبري ١١/ ٢٩٨- ٢٩٩.
(٢) تفسير الطبري ١١/ ٢٩٨.


الصفحة التالية
Icon