الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِهِ دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مِينَاءَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي يَا ابْنَ مَسْعُودٍ» قُلْتُ: استخلف. قال: «من؟» قلت: أبا بكر. قال: فَسَكَتَ ثُمَّ مَضَى سَاعَةً فَتَنَفَّسَ فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي يَا ابْنَ مَسْعُودٍ» قلت: استخلف. قال: «من؟» قلت: عمر. فسكت ساعة ثم مضى ثُمَّ تَنَفَّسَ فَقُلْتُ؟
مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: «نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي» قُلْتُ: فَاسْتَخْلِفْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ؟» قُلْتُ: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ أَطَاعُوهُ لَيَدْخُلُنَّ الْجَنَّةَ أَجْمَعِينَ أَكْتَعِينَ».
وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا وَأَحْرَى بِهِ أن لا يَكُونَ مَحْفُوظًا، وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا بَعْدَ وُفُودِهِمْ إِلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ عَلَى مَا سَنُورِدُهُ إن شاء الله تعالى، فإن في ذلك الوقت كان فِي آخِرِ الْأَمْرِ لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ وَدَخَلَ النَّاسُ وَالْجَانُّ أَيْضًا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا نَزَلَتْ سُورَةُ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً
[الفتح: ١- ٣] وَهِيَ السُّورَةُ الَّتِي نُعِيَتْ نَفْسُهُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا إليه كما نص على ذلك ابن عباس رضي الله عنهما، ووافقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عَلَيْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ سَنُورِدُهُ إن شاء الله تعالى عِنْدَ تَفْسِيرِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَسْلَمَيِّ، عَنْ حَرْبِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ سَعِيدِ بن سلمة عَنْ أَبِي مُرَّةَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله الجدلي عن ابن مسعود رضي الله عنه فَذَكَرَهُ وَذَكَرَ فِيهِ قِصَّةَ الِاسْتِخْلَافِ، وَهَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ وَسِيَاقٌ عَجِيبٌ.
[طَرِيقٌ أُخْرَى] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَّ حَوْلَهُ، فَكَانَ أحدهم مثل سودا النخل وقال: «لا تبرح مكانك فأقرئهم كِتَابَ اللَّهِ» فَلَمَّا رَأَى الزُّطَّ قَالَ: كَأَنَّهُمْ هَؤُلَاءِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَعَكَ مَاءٌ؟» قُلْتُ: لَا. قَالَ: «أَمَعَكَ نَبِيذٌ؟» قُلْتُ: نَعَمْ فَتَوَضَّأَ بِهِ.
[طَرِيقٌ أُخْرَى مُرْسَلَةٌ] قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الظَّهْرَانِيُّ، أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ قَالَ هُمُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا جَاءُوا مِنْ جَزِيرَةِ الْمُوصِلِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لابن مسعود رضي الله عنه: «أَنْظِرْنِي حَتَّى آتِيَكَ» وَخَطَّ عَلَيْهِ خَطًّا وَقَالَ «لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ» فَلَمَّا خَشِيَهُمُ ابْنُ مسعود رضي الله عنه كَادَ أَنْ يَذْهَبَ، فَذَكَرَ قَوْلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَبْرَحْ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ ذهبت