وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بن أسلم وغيرهما، وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ «١».
وَقَالَ أَبُو الْجَوْزَاءِ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ أَيْ مِنْ نَوْمِكَ مِنْ فِرَاشِكَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَيَتَأَيَّدُ هَذَا الْقَوْلُ بِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢»، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ. حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَعَارَّ «٣» مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ، رَبِّ اغْفِرْ لِي- أَوْ قَالَ ثُمَّ دَعَا- اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ عَزَمَ فَتَوَضَّأَ ثم صلى قبلت صِلَاتُهُ» «٤» وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَأَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ قَالَ: مِنْ كُلِّ مَجْلِسٍ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ قَالَ إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ قَالَ:
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَمْرِو الْحَضْرَمِيُّ عَنْ عَطَاءٍ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ قَوْلِ الله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ يَقُولُ حِينَ تَقُومُ مِنْ كُلِّ مَجْلِسٍ إِنْ كُنْتَ أَحْسَنْتَ ازددت خيرا، وإن كنت غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ هَذَا كَفَّارَةً لَهُ.
وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي جَامِعِهِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْفَقِيرِ، أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ مَجْلِسِهِ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ غَيْرَهُ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلُ كَفَّارَةُ الْمَجَالِسِ وَهَذَا مُرْسَلٌ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ مُسْنَدَةٌ مِنْ طُرُقٍ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا بِذَلِكَ، فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، إِلَّا غُفِرَ الله له ما كان في مجلسه

(١) أخرجه الترمذي في الصلاة باب ٦٥، والوتر باب ١٩، والنسائي في الافتتاح باب ١٨، وابن ماجة في الإقامة باب ١، والدارمي في الصلاة باب ٣٣، وأحمد في المسند ٣/ ٥٠، ٦٩.
(٢) المسند ٥/ ٣١٣.
(٣) تعار: أي استيقظ.
(٤) أخرجه البخاري في التهجد باب ٢١، والترمذي في الدعوات باب ٢٦، وابن ماجة في الدعاء باب ١٦، والدارمي في الاستئذان باب ٥٣.


الصفحة التالية
Icon