قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْجَعْظَرِيُّ الْفَظُّ الْغَلِيظُ. وَالْجَوَّاظُ الْجَمُوعُ الْمَنُوعُ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» :
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن الْعُتُلِّ الزَّنِيمِ فَقَالَ: «هُوَ الشَّدِيدُ الْخَلْقِ الْمُصَحَّحُ الْأَكُولُ الشَّرُوبُ الْوَاجِدُ لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، الظَّلُومُ لِلنَّاسِ رَحِيبُ الْجَوْفِ» وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الجواظ الجعظري والعتل الزَّنِيمُ» وَقَدْ أَرْسَلَهُ أَيْضًا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ:
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابن ثور عن مَعْمَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَبْكِي السَّمَاءُ مِنْ عَبْدٍ أَصَحَّ اللَّهُ جِسْمَهُ. وَأَرْحَبَ جَوْفَهُ وَأَعْطَاهُ مِنَ الدُّنْيَا مِقْضَمًا فَكَانَ لِلنَّاسِ ظَلُومًا قَالَ فَذَلِكَ الْعُتُلُّ الزَّنِيمُ» وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقَيْنِ مُرْسَلَيْنِ وَنَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ وقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْعُتُلَّ هُوَ الْمُصَحَّحُ الْخَلْقِ الشَّدِيدُ الْقَوِيُّ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَنْكَحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الزَّنِيمُ فَقَالَ الْبُخَارِيُّ «٣» : حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ زَنَمَةٌ مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ، وَمَعْنَى هَذَا أنه كان مشهورا بالسوء كَشُهْرَةِ الشَّاةِ ذَاتِ الزَّنَمَةِ مِنْ بَيْنِ أَخَوَاتِهَا، وَإِنَّمَا الزَّنِيمُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ هُوَ الدَّعِيُّ فِي الْقَوْمِ، قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ من الأئمة، وقال: وَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، يَعْنِي يَذُمُّ بعض كفار قريش: [الطويل]

وَأَنْتَ زَنِيمٌ نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ الْقَدَحُ الْفَرْدُ «٤»
وَقَالَ آخَرُ:
زَنِيمٌ لَيْسَ يُعْرَفُ مَنْ أَبُوهُ بَغِيُّ الْأُمِّ ذُو حَسَبٍ لَئِيمِ «٥»
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: زَنِيمٍ قَالَ: الدَّعِيُّ الْفَاحِشُ اللَّئِيمُ. ثم قال ابن عباس: [الطويل]
زَنِيمٌ تَدَاعَاهُ الرِّجَالُ زِيَادَةً كَمَا زِيدَ فِي عرض الأديم الأكارع «٦»
(١) المسند ٤/ ٢٢٧.
(٢) تفسير الطبري ١٢/ ١٨٥.
(٣) كتاب التفسير، تفسير سورة ٦٨، باب ١.
(٤) البيت في ديوان حسان بن ثابت ص ١١٨، ولسان العرب (قدح)، (نوط)، (زنم)، وتهذيب اللغة ١٤/ ٢٩، وتاج العروس (قدح)، (نوط)، (زنم)، والأغاني ٤/ ١٤٨، وتفسير الطبري ١٢/ ١٨٥.
(٥) البيت بلا نسبة في تفسير الطبري ١٢/ ١٨٦.
(٦) البيت للخطيم التميمي في لسان العرب (زنم) ولحسان بن ثابت في ديوانه ص ١٤٣، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٣/ ٢٩، وأساس البلاغة (زنم).


الصفحة التالية
Icon