الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ
أَيْ أَمَعَكُمْ عُهُودٌ مِنَّا وَمَوَاثِيقُ مُؤَكَّدَةٌ؟ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ أَيْ إِنَّهُ سَيَحْصُلُ لَكُمْ مَا تُرِيدُونَ وَتَشْتَهُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَيْ قُلْ لهم من هو المتضمن المتكفل بهذا؟ قال ابن عباس: يقول أيهم بذلك كفيل أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ أَيْ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٤٢ الى ٤٧]
يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦)
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧)
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ للمتقين عند ربهم جَنَّاتِ النَّعِيمِ، بَيَّنَ مَتَى ذَلِكَ كَائِنٌ وَوَاقِعٌ فقال تَعَالَى:
يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ وَالزَّلَازِلِ وَالْبَلَاءِ، وَالِامْتِحَانِ وَالْأُمُورِ العظام.
وقد قال البخاري هاهنا: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا اللَّيْثِ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا «١» وَاحِدًا «٢» » وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي غَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقٍ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ مَشْهُورٌ، وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قَالَ: هو يوم القيامة يَوْمُ كَرْبٍ وَشِدَّةٍ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «٣» ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَانُ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوِ ابْنِ عَبَّاسٍ- الشَّكُّ مِنِ ابْنِ جَرِيرٍ- يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قَالَ: عَنْ أمر عظيم، كقول الشاعر: [الطويل] مالت الحرب عَنْ سَاقٍ «٤» وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قَالَ: شِدَّةُ الأمر، وقال ابن
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٦٨، باب ٢، ومسلم في الإيمان حديث ٣٠٢، وأبو داود في الرقاق باب ٨٣، وأحمد في المسند ٣/ ١٧.
(٣) تفسير الطبري ١٢/ ١٩٧. [.....]
(٤) يروى البيت بتمامه:
صبرا أمام إنّ شرّ باق | وقامت الحرب بنا على ساق |