وَتَتَابَعَ» «١» أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ بِهِ.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُعَيْبٍ السِّمْسَارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ صَنَعَ لقريش طعاما، فلما أكلوا منه قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَاحِرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِسَاحِرٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَاهِنٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ بِكَاهِنٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: شَاعِرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِشَاعِرٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ سِحْرٌ يُؤْثَرْ، فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنَّهُ سِحْرٌ يُؤْثَرُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَزِنَ وَقَنَّعَ رَأْسَهُ وَتَدَثَّرَ، فأنزل الله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ وقوله تعالى: قُمْ فَأَنْذِرْ أَيْ شَمِّرْ عَنْ سَاقِ الْعَزْمِ وَأَنْذِرِ النَّاسَ، وَبِهَذَا حَصَلَ الْإِرْسَالُ كَمَا حَصَلَ بِالْأَوَّلِ النُّبُوَّةُ.
وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ أَيْ عَظِّمْ. وَقَوْلُهُ تعالى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ الْأَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ: لَا تَلْبَسْهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ وَلَا عَلَى غَدْرَةٍ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ الثقفي: [الطويل]

فَإَنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ لَا ثَوْبَ فَاجِرٍ لَبِسْتُ وَلَا مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ «٢»
وَقَالَ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في الْآيَةِ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ: فِي كَلَامِ الْعَرَبِ نَقِيُّ الثِّيَابِ وَفِي رِوَايَةٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَطَهِّرْ مِنَ الذُّنُوبِ، وَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ: مِنَ الْإِثْمِ، وَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ: نَفْسَكَ لَيْسَ ثيابك، وفي رواية عنه وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ أي عَمَلَكَ فَأَصْلِحْ، وَكَذَا قَالَ أَبُو رَزِينٍ، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ أَيْ لَسْتَ بِكَاهِنٍ وَلَا سَاحِرٍ فَأَعْرِضْ عَمَّا قَالُوا. وَقَالَ قَتَادَةُ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ أَيْ طَهِّرْهَا مِنَ الْمَعَاصِي، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي الرَّجُلَ إِذَا نَكَثَ وَلَمْ يف بعهد الله إنه لدنس الثِّيَابِ، وَإِذَا وَفَّى وَأَصْلَحَ إِنَّهُ لَمُطَهَّرُ الثِّيَابِ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ: لَا تَلْبِسْهَا عَلَى مَعْصِيَةٍ. وقال الشاعر: [الطويل]
(١) أخرجه البخاري في بدء الخلق باب ٧، ومسلم في الإيمان حديث ٢٥٦. [.....]
(٢) يروى البيت:
إني بحمد الله لا ثوب غادر لبست ولا من خزية أتقنّع
وهو لغيلان في لسان العرب (طهر)، وتهذيب اللغة ٦/ ١٧٢، ١٥/ ١٥٤ وتاج العروس (طهر)، وتفسير الطبري ١٢/ ٢٩٨، والبحر المحيط ٦/ ٤٦، ٨/ ٣٦٣، ولابن مطر المازني في معجم الشعراء ص ٤٦٨، والمرصع ص ٢٧٨، ولبرذع بن عدي الأوسي في مجالس ثعلب ص ٢٥٣، وبلا نسبة في لسان العرب (ثوب)، (قط)، وأساس البلاغة (قنع)، (خزي)، وتاج العروس (ثوب)، (قنع).


الصفحة التالية
Icon