وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ كَانُوا عَشْرَةً وَهَذَا أَبْلَغُ فِي النِّعْمَةِ وَهُوَ إِقَامَتُهُمْ عِنْدَهُ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً أَيْ مَكَّنْتُهُ مِنْ صُنُوفِ الْمَالِ وَالْأَثَاثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً أَيْ مُعَانِدًا وَهُوَ الْكُفْرُ عَلَى نِعَمِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ قَالَ الله تعالى: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا حَسَنٌ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ، وَالصَّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نار يصعد فيه الكافر سَبْعِينَ خَرِيفًا، ثُمَّ يَهْوِي بِهِ كَذَلِكَ فِيهِ أَبَدًا» «٢» وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْأَشْيَبِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ دَرَّاجٍ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «٣» عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ وَفِيهِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعْرُوفِ بِعَلَّانَ الْمِصْرِيِّ قَالَ:
حَدَّثَنَا مِنْجَابٌ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهَنِيِّ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً قَالَ: «هُوَ جَبَلٌ فِي النَّارِ مِنْ نَارٍ يُكَلَّفُ أَنْ يَصْعَدَهُ فَإِذَا وَضَعَ يَدَهُ ذَابَتْ وَإِذَا رَفَعَهَا عَادَتْ، فَإِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ ذَابَتْ وَإِذَا رَفَعَهَا عَادَتْ» وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَابْنُ جَرِيرٍ «٤» مِنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ بِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ عَنِ ابن عباس: صعودا صخرة فِي جَهَنَّمَ يُكَلَّفُ أَنْ يَصْعَدَهَا وَقَالَ مُجَاهِدٌ سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً أَيْ مَشَقَّةً مِنَ الْعَذَابِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: عَذَابًا لَا رَاحَةَ فِيهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جرير.
وقوله تعالى: إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ أَيْ إِنَّمَا أَرْهَقْنَاهُ صُعُودًا أَيْ قَرَّبْنَاهُ مِنَ الْعَذَابِ الشَّاقِّ لِبُعْدِهِ عَنِ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ أَيْ تَرَوَّى مَاذَا يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْقُرْآنِ فَفَكَّرَ مَاذَا يَخْتَلِقُ مِنَ الْمَقَالِ وَقَدَّرَ أَيْ تَرَوَّى فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ ثُمَّ نَظَرَ أَيْ أَعَادَ النَّظْرَةَ وَالتَّرَوِّيَ ثُمَّ عَبَسَ أَيْ قَبَضَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقَطَّبَ وَبَسَرَ أَيْ كَلَحَ وَكَرِهَ وَمِنْهُ قول توبة بن الحمير: [الطويل]
وَقَدْ رَابَنِي مِنْهَا صُدُودٌ رَأَيْتُهُ | وَإِعْرَاضُهَا عَنْ حَاجَتِي وَبُسُورُهَا «٥» |
(٢) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ٢١، باب ١.
(٣) تفسير الطبري ١٢/ ٣٠٨.
(٤) تفسير الطبري ١٢/ ٣٠٨.
(٥) البيت في تفسير الطبري ١٢/ ٣٠٩.