الْبَرْدِ الْحَمِيمَ وَمِنَ الشَّرَابِ الْغَسَاقَ، وَكَذَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، فَأَمَّا الْحَمِيمُ فَهُوَ الْحَارُّ الَّذِي قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ وَحُمُوُّهُ وَالْغَسَّاقُ هُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ وَعَرَقِهِمْ وَدُمُوعِهِمْ وَجُرُوحِهِمْ فَهُوَ بَارِدٌ لَا يُسْتَطَاعُ مِنْ بَرْدِهِ وَلَا يُوَاجَهُ مَنْ نَتَنِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْغَسَّاقِ فِي سُورَةِ ص بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ- أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ- قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: لَا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً يَعْنِي النَّوْمَ كما قال الكندي: [الكامل]
بَرَدَتْ مَرَاشِفُهَا عَلَيَّ فَصَدَّنِي | عَنْهَا وَعَنْ قُبُلَاتِهَا الْبَرْدُ «١» |
ثم قال تعالى: إِنَّهُمْ كانُوا لَا يَرْجُونَ حِساباً أَيْ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ ثَمَّ دَارًا يُجَازَوْنَ فِيهَا وَيُحَاسَبُونَ وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً أَيْ وَكَانُوا يُكَذِّبُونَ بِحُجَجِ اللَّهِ وَدَلَائِلِهِ عَلَى خَلْقِهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى رُسُلِهِ، فَيُقَابِلُونَهَا بِالتَّكْذِيبِ وَالْمُعَانَدَةِ. وَقَوْلُهُ: كِذَّاباً أَيْ تَكْذِيبًا، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ غَيْرِ الْفِعْلِ، قَالُوا: وَقَدْ سُمِعَ أَعْرَابِيٌّ يَسْتَفْتِي الْفَرَّاءَ عَلَى الْمَرْوَةِ: الْحَلْقُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوِ الْقِصَارُ؟ وَأَنْشَدَ بعضهم: [الطويل]
لَقَدْ طَالَ مَا ثَبَّطْتَنِي عَنْ صَحَابَتِي | وَعَنْ حوج قضاؤها من شفائيا «٢» |
«أهلك الْقَوْمُ بِمَعَاصِيهِمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» جِسْرُ بْنُ فرقد ضعيف الحديث بالكلية.
(١) البيت للكندي في تفسير الطبري ١٢/ ٤٠٦ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٢٩٥، والاشتقاق ص ٤٧٨، والأزمنة والأمكنة ٢/ ١٥.
(٢) البيت بلا نسبة في لسان العرب (كذب)، (حوج)، (قضي)، والمخصص ١٢/ ٢٢٢، وأساس البلاغة (لوي)، وتاج العروس (كذب)، (حوج)، (قضي).
(٢) البيت بلا نسبة في لسان العرب (كذب)، (حوج)، (قضي)، والمخصص ١٢/ ٢٢٢، وأساس البلاغة (لوي)، وتاج العروس (كذب)، (حوج)، (قضي).