فَذَكَرَهُ، وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ أَنَّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لِلَّهِ فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ رِيَاءً، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أَصَلِّي فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَأَعْجَبَنِي ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كُتِبَ لَكَ أَجْرَانِ: أَجْرُ السِّرِّ وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ».
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ نِعْمَ الْحَدِيثُ لِلْمُرَائِينَ، وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ مُتَوَسِّطٌ، وَرِوَايَتُهُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَزِيزَةٌ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْهُ، قَالَ أَبُو يَعْلَى أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يَعْمَلُ الْعَمَلَ يُسِرُّهُ، فَإِذَا اطُّلِعَ عَلَيْهِ أَعْجَبَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ السِّرِّ وَأَجْرُ الْعَلَانِيَةِ» «١». وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ بُنْدَارٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ أَبِي سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ، وَاسْمُهُ ضِرَارُ ابن مُرَّةَ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ وَقَدْ رَوَاهُ الأعمش وغيره عن حبيب عن أبي صالح مُرْسَلًا.
وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ شَيْبَانَ النَّحْوِيِّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لما نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ لَوْ أُعْطِيَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ جَمِيعِ الدُّنْيَا هُوَ الَّذِي إِنْ صَلَّى لَمْ يَرْجُ خَيْرَ صِلَاتِهِ وَإِنْ تَرَكَهَا لَمْ يَخَفْ رَبَّهُ» فِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَشَيْخُهُ مُبْهَمٌ لَمْ يُسَمَّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٣» أَيْضًا: حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ أَبَانٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَارِقٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عن وقتها» قلت: وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا يَحْتَمِلُ تَرْكَهَا بِالْكُلِّيَّةِ ويحتمل صَلَاتَهَا بَعْدَ وَقْتِهَا شَرْعًا أَوْ تَأْخِيرَهَا عَنْ أول الْوَقْتُ، وَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِهِ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ مُصْعَبٍ عَنْ أَبِيهِ موقوفا:
سهوا عنها حتى ضاع الوقت، وَهَذَا أَصَحُّ إِسْنَادًا وَقَدْ ضَعَّفَ الْبَيْهَقِيُّ رَفْعَهُ وصحح وقفه وكذلك الحاكم.

(١) أخرجه الترمذي في الزهد باب ٤٩، وابن ماجة في الزهد باب ٢٥.
(٢) تفسير الطبري ١٢/ ٧٠٨.
(٣) تفسير الطبري ١٢/ ٧٠٨.


الصفحة التالية
Icon