يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَعَرَفَ أَنَّهُ الْوَدَاعُ فَأَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ فَرَحَلَتْ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَذَكَرَ خُطْبَتَهُ الْمَشْهُورَةَ وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَارُ، حَدَّثَنَا الْأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ وَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي» فَبَكَتْ ثُمَّ ضَحِكَتْ وَقَالَتْ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ فَبَكَيْتُ ثُمَّ قَالَ: «اصْبِرِي فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لِحَاقًا بِي» فَضَحِكْتُ، وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ كَمَا سَيَأْتِي بِدُونِ ذِكْرِ فَاطِمَةَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة النصر (١١٠) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (٣)
قَالَ الْبُخَارِيُّ «١»
: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ:
لِمَ يُدْخِلْ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يوم فأدخلني معهم فما رأيت أَنَّهُ دَعَانِي فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَرَنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نَصَرَنَا وَفَتَحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَلِكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ:
مَا تَقُولُ؟ فَقُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فَذَلِكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ، تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مِهْرَانَ عَنِ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ مِثْلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَوْ نَحْوَهَا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢»
: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نعيت إلي نفسي» فإنه مَقْبُوضٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ: وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إِنَّهَا أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعي إليه.
(١) كتاب التفسير، تفسير سورة ١١٠، باب ١.
(٢) المسند ١/ ٢١٧.


الصفحة التالية
Icon