فالتوحيد يتضمن ثبوت صفات كماله، ونعوت جلاله، وعدم المماثل له فيها، وعبادته وحده لا شريك له.
والعدل يتضمن وضعه الأشياء موضعها، وتنزيلها منازلها، وأنه لم يخص شيئا منها إلا بمخصص اقتضى ذلك، وأنه لا يعاقب من لا يستحق العقوبة، ولا يمنع من يستحق العطاء، وان كان هو الذي جعله مستحقا.
والعزة تتضمن كمال قدرته، وقوته وقهره.
والحكمة تتضمن كمال علمه وخبرته، وأنه أمر ونهي، وخلق وقدر، لما له في ذلك من الحكم والغايات الحميدة التي يستحق عليها كمال الحمد.
فاسمه «العزيز» يتضمن الملك. واسمه «الحكيم» يتضمن الحمد.
وأول الآية يتضمن التوحيد، وذلك حقيقة «لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».
وذلك أفضل ما قاله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والنبيون من قبله.
و «الحكيم» الذي إذا أمر بأمر كان المأمور به حسنا في نفسه، وإذا نهى عن شيء كان المنهي عنه قبيحا في نفسه، وإذا أخبر بخبر كان صدقا، وإذا فعل فعلا كان صوابا. وإذا أراد شيئا كان أولى بالإرادة من غيره.
وهذا الوصف على الكمال: لا يكون إلا لله وحده.
فتضمنت هذه الآية وهذه الشهادة وحدانيته المنافية للشرك، وعدله المنافي للظلم، وعزته المنافية للعجز، وحكمته المنافية للجهل والعيب.
ففيها: الشهادة له بالتوحيد والعدل والقوة، والعلم والحكمة، ولهذا كانت أعظم شهادة.
ولا يقوم بهذه الشهادة على وجهها من جميع الطوائف. إلا أهل السنة، وسائر طوائف أهل البدع لا يقومون بها.