أولياءه ورسله على أعدائهم، وأن يذهب بهم ويستخلف قوما غيرهم، ولا يضره ذلك شيئا، وأنه القائم سبحانه على كل شيء: حفظا ورعاية وتدبيرا وإحصاء.
فأي آية وبرهان ودليل أحسن من آيات الأنبياء وبراهينهم وأدلتهم؟ وهي شهادة من الله سبحانه لهم، بينها لعباده غاية البيان، وأظهرها لهم غاية الإظهار، بقوله وفعله،
وفي الصحيح عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال «ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتى من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ. فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة».
. ومن أسمائه تعالى «المؤمن» وهو في أحد التفسيرين: المصدق الذي يصدق الصادقين بما يقيم لهم من شواهد صدقهم. فهو الذي صدق رسله وأنبياءه فيما بلغوا عنه، وشهد لهم بأنهم صادقون بالدلائل التي دل بها على صدقهم، قضاء وخلقا. فإنه سبحانه أخبر، وخبره الصدق. وقوله الحق:
أنه لا بد أن يرى العباد من الآيات الأفقية والنفسية: ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغه رسوله حق. فقال تعالى ٤١: ٥٣ سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أي القرآن. فإنه هو المتقدم في قوله ٤١: ٥٢ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ ثم قال ٤١:
٥٣ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ؟.
فشهد سبحانه لرسوله بقوله: أن ما جاء به حق، ووعده أن يرى العباد من آياته الفعلية الخلقية ما يشهد بذلك أيضا.
ثم ذكر ما هو أعظم من ذلك وأجل، وهو شهادته سبحانه على كل شيء. فإن من أسمائه «الشهيد» الذي لا يغيب عنه شيء، ولا يعزب عنه، بل هو مطلع على كل شيء مشاهد له، عليهم بتفاصيله.
وهذا الاستدلال بأسمائه وصفاته. والأول: استدلال بقوله وكلماته، والاستدلال بالآيات الأفقية والنفسية استدلال بأفعاله ومخلوقاته.