الْمُتَكَبِّرُ، سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
وأضعاف أضعاف ذلك في القرآن.
ويستدل سبحانه بأسمائه وصفاته على بطلان ما نسب إليه من الأحكام والشرائع الباطلة، وأن كماله المقدس يمنع من شرعها، كقوله ٧: ٢٨ وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا: وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا، وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها، قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ، أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ وقوله عقيب ما نهى عنه وحرمه من الشرك والظلم والفواحش، والقول على الله بلا علم ١٧: ٣٨ كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً فأعلمك أن ما كان سيئة في نفسه فهو سبحانه يكرهه، وكماله يأبى أن يجعله شرعا له ودينا، فهو سبحانه يدل عباده بأسمائه وصفاته على ما يفعله ويأمر به، ويحبه ويبغضه، ويثيب عليه ويعاقب عليه، ولكن هذه الطريقة لا يصل إليها إلا خاصة الخاصة. فلذا كانت طريقة الجمهور والدلالات بالآيات المشاهدة. فإنها أوسع وأسهل تناولا، والله سبحانه يفضل بعض خلقه على بعض، ويرفع درجات من يشاء وهو العليم الحكيم.
فالقرآن العظيم قد اجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره. فإنه الدعوة والحجة، وهو الدليل والمدلول عليه، وهو الشاهد والمشهود له، وهو الحكم والدليل، وهو الدعوى والبينة. قال الله تعالى: ١١: ١٣ أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ أي من ربه وهو القرآن. وقال تعالى لمن طلب آية تدل على صدق رسوله له: ٢٩: ٥٠، ٥١ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ؟ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً، يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ.
فأخبر سبحانه أن الكتاب الذي أنزله على رسوله يكفي من كل آية، ففيه الحجة، والدلالة على أنه من الله، وأن الله سبحانه أرسل به رسوله.
وفيه بيان ما يوجب لمن اتبعه السعادة والنجاة من العذاب. ثم قال ٢٩:


الصفحة التالية
Icon