وهذه عامة أدعية النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وفي الدعاء الذي علمه صدّيق الأمة رضي الله عنه «١» ذكر الأقسام الثلاثة. فإنه
قال في أوله «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا»
وهذا حال السائل. ثم
قال: «وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»
وهذا حال المسؤول، ثم قال «فاغفر لي» فذكر حاجته وختم الدعاء باسمين من الأسماء الحسنى تناسب المطلوب وتقتضيه.
وهذا القول الذي اخترناه قد جاء عن غير واحد من السلف. قال الحسن البصري «اللهم» مجمع الدعاء وقال أبو رجاء العطاردي: إن الميم في قوله «اللهم» فيها تسعة وتسعون اسما من أسماء الله تعالى، وقال النضر بن شميل: من قال «اللهم» فقد دعا الله بجميع أسمائه.
وقد وجه طائفة هذا القول بأن الميم هنا بمنزلة الواو الدالة على الجمع، فإنها من مخرجها. فكأن الداعي بها يقول: يا الله الذي اجتمعت له الأسماء الحسنى، والصفات العليا، ولذلك شددت لتكون عوضا عن علامة الجمع. وهي الواو والنون في «مسلمون» ونحوه.
وعلى الطريقة التي ذكرناها وهي أن نفس الميم دالة على الجمع لا يحتاج إلى هذا.
بقي أن يقال: فهلا جمعوا بين «يا» وبين هذه الميم، على المذهب الصحيح؟.
فالجواب: أن القياس يقتضي عدم دخول حرف النداء على هذا الاسم، لمكان الألف واللام منه. وإنما احتملوا ذلك فيه لكثرة استعمالهم دعاءه، واضطرارهم إليه، واستغاثتهم به. فإما أن يحذفوا الألف واللام منه. وذلك لا يسوغ للزومهما، وإما أن يتوصلوا إليه بأيّ، وذلك لا يسوغ،

(١) أخرجه البخاري ومسلم. [.....]


الصفحة التالية
Icon