اللَّيْلِ
فسر «الدلوك» بالزوال، وفسر بالغروب. وحكيا قولين في كتب التفسير. وليسا بقولين، بل اللفظ يتناولهما معا. فإن الدلوك هو الميل.
ودلوك الشمس ميلها ولهذا الميل مبدأ ومنتهى. فمبدؤه الزوال، ومنتهاه الغروب. فاللفظ متناول لهما بهذا الإعتبار لا بتناول المشترك لمعنييه. ولا اللفظ لحقيقته ومجازه.
ومثاله أيضا تفسير الغاسق: بالليل والقمر، وأن ذلك ليس باختلاف، بل يتناولهما لتلازمهما. فإن القمر آية الليل. ونظائره كثيرة.
ومن ذلك قوله عز وجل: ٢٥: ٧٧ قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ.
قيل: لولا دعاؤكم إياه. وقيل: دعاؤه إياكم إلى عبادته فيكون المصدر مضافا إلى المفعول. وعلى الأول مضافا إلى الفاعل. وهو الأرجح من القولين. وعلى هذا: فالمراد به نوعا الدعاء والعبادة أظهر، أي ما يعبأ لكم ربي لولا أنكم تعبدونه. عبادة تستلزم مسألته. فالنوعان داخلان فيه.
ومن ذلك قوله تعالى: ٤٠: ٦٠ وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ فالدعاء يتضمن النوعين، وهو في دعاء العبادة أظهر. ولهذا عقبه بقوله: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ فسر الدعاء في الآية بهذا وهذا
وقد روى سفيان عن منصور عن زرّ عن نسيع الكندي عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول على المنبر: «إن الدعاء هو العبادة». ثم قرأ: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ رواه الترمذي
، وقال حديث حسن صحيح.
وأما قوله تعالى: ٢٢. ٧٣ يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ، فَاسْتَمِعُوا لَهُ. إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً، وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وقوله: ٤: ١١٧ إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وقوله: ٤١: ٤٨


الصفحة التالية
Icon