للفاعل وصفة للفعل المأمور به.
فتأمل هذه النكتة فإنك إذا قلت: اذكر ربك تضرعا فإنك تريد: اذكره متضرعا إليه، واذكره ذكر تضرع، فأنت مريد للأمرين معا. ولذلك إذا قلت: ادعه طمعا أي ادعه دعاء طمع وادعه طامعا في فضله، وكذلك إذا قلت: ادعه رغبة ورهبة، كقوله تعالى: ٢١: ٩٠ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً كقوله تعالى: يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وادعه دعاء رغبة ورهبة.
فتأمل هذا الباب تجده كذلك، فأتى فيه المصدر الدال على وصف المأمور به بتلك الصفة، وعلى تقييد الفاعل بها تقييد صاحب الحال بالحال.
ومما يدل على هذا: أنك تجد مثل هذا صالحا وقوعه جوابا لكيف.
فإذا قيل: كيف ادعوه؟ قيل: تضرعا وخفية، وتجد اقتضاء «كيف» لهذا أشد من اقتضاء «لم» ولو كان مفعولا له لكان جوابا للم، ولا تحسن هنا.
ألا ترى أن المعنى ليس عليه. فإنه يصح أن يقال لم أدعوه؟ فيقول تضرعا وخفية. وهذا واضح، ولا هو انتصاب على المصدر المبين للنوع الذي لا يتقيد به الفاعل لما ذكرناه من صلاحيته جوابا لكيف.
وبالجملة فالمصدرية في هذا الباب لا تنافي الحال، بل الإتيان بالحال هاهنا بلفظ المصدر يفيد ما يفيده المصدر مع زيادة فائدة الحال، فهو أتم معنى ولا تنافي بينهما. والله أعلم.

فصل


قول الله تعالى: ٧: ٥٦ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.
فيه تنبيه ظاهر على أن فعل هذا المأمور به هو الإحسان المطلوب منكم، ومطلوبكم أنتم من الله هو رحمته القريبة من المحسنين الذين فعلوا ما أمروا به من دعائه خوفا وطمعا، فقرب مطلوبكم منكم وهو الرحمة بحسب


الصفحة التالية
Icon