والفرح صفة كمال. ولهذا يوصف الرب تعالى بأعلى أنواعه وأكملها، كفرحه بتوبة التائب أعظم من فرح الواحد براحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة بعد فقده لها والناس من حصولها.
والمقصود: أن الفرح على أنواع: نعيم القلب ولذته، وبهجته، والفرح والسرور: نعيمه. والهم والحزن: عذابه. والفرح بالشيء فوق الرضى به، فإن الرضى طمأنينته وسكونه وانشراحه. والفرح لذته وبهجته وسروره. فكل فرح راض. وليس كل راض فرح. ولهذا كان الفرح ضد الحزن، والرضى ضد السخط، والحزن يؤلم صاحبه. والسخط لا يؤلمه، إلا إن كان مع العجز عن الانتقام. والله أعلم.
[سورة يونس (١٠) : آية ٨٧]
وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)
هو من أحسن النظم وأبدعه، فإنه ثنى أولا، إذ كان موسى وهارون هما الرسولان المطاعان. ويجب على بني إسرائيل طاعة كل واحد منهما، سواء. وإذا تبوآ البيوت لقومهما فهم لهما تبع.
ثم جمع الضمير فقال وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ لأن إقامتها فرض على الجميع، ثم وحده في قوله وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ لأن موسى هو الأصل في الرسالة وأخاه ردءه ووزير، وكما كان موسى الأصل في الرسالة فهو الأصل في البشارة.
وأيضا: فإن موسى وأخاه لما أرسلا برسالة واحدة كانا رسولا واحدا، كقوله تعالى: ٢٦: ١٦نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
فهذا الرسول هو الذي قيل له: وبشر المؤمنين.


الصفحة التالية
Icon