الْكافِرِينَ
وهذا كثير في القرآن.
فصل
وقوله تعالى: ٢٠: ١٢٤ وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى. قالَ: رَبِّ، لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً؟ اختلف فيه: هل هو من عمى البصيرة، أو من عمى البصر؟ والذين قالوا: هو من عمى البصيرة إنما حملهم على ذلك قوله: ١٩: ٣٨ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا وقوله:
٥٠: ٢٢ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ وقوله: ٢٥: ٢٢ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وقوله: ١٠٢: ٦، ٧ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ. ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ ونظائر هذا مما أثبت لهم الرؤية في الآخرة. كقوله تعالى: ٤٢: ٤٥ وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وقوله: ٥٢: ١٣، ١٤ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا. هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ؟ وقوله: ١٨: ٥٣ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها.
والذين رجحوا أنه من عمى البصر قالوا: السياق لا يدل إلا عليه.
لقوله: ٢٠: ١٢٤ قالَ: رَبِّ، لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى، وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً وهو لم يكن بصيرا في كفره قط، بل قد تبين له حينئذ أنه كان في الدنيا في عمى عن الحق، فكيف يقول: وقد كنت بصيرا؟ وكيف يجاب بقوله:
٢٠: ١٢٥ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى بل هذا الجواب فيه تنبيه على أنه من عمى البصر، وأنه جوزي من جنس عمله. فإنه لما أعرض عن الذكر الذي بعث الله به رسوله وعميت عنه بصيرته: أعمى الله بصره يوم القيامة. وتركه في العذاب، كما ترك هو الذكر في الدنيا، فجازاه على عمى بصيرته عمى بصره في الآخرة. وعلى تركه ذكره تركه في العذاب.