أحدهما: أن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته. أما أتباعه:
فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة.
وأما أعداؤه المحاربون له: فالذين عجل قتلهم وموتهم خير لهم لأن حياتهم زيادة لهم في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة. وهم قد كتب عليهم الشقاء، فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم في الكفر.
وأما المعاهدون له: فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته. وهم أقل شرا بذلك العهد من المحاربين له.
وأما المنافقون فحصل لهم بإظهار الايمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهليهم واحترامها وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوارث وغيرها.
وأما الأمم النائية عنه: فإن الله سبحانه رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض، فأصاب كل العالمين النفع برسالته.
الوجه الثاني: أنه رحمة لكل أحد، لكن المؤمنون قبلوا هذه الرحمة فانتفعوا بها دنيا واخرى، والكفار ردوها، فلم يخرج بذلك عن أن يكون رحمة لهم، لكن لم يقبلوها، كما يقال: هذا دواء لهذا المرض. فإذا لم يستعمله لم يخرج عن أن يكون دواء لذلك المرض.