للعالمين ما يدل على علوه على خلقه، وكونه فوق كل شيء، كما يأتي بيانه إن شاء الله.

فصل


في ذكر هذه الأسماء بعد الحمد، وإيقاع الحمد على مضمونها ومقتضاها: ما يدل على أنه محمود في إلهيته، محمود في ربوبيته، محمود في رحمانيته، محمود في ملكه، وأنه إله محمود، رب محمود، ورحمان محمود، وملك محمود. فله بذلك جميع أقسام الكمال: كمال من هذا الإسم بمفرده، وكمال من الآخر بمفرده، وكمال من اقتران أحدهما بالآخر.
مثال ذلك: قوله تعالى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ فالغنى صفة كمال. والحمد صفة كمال، واقتران غناه بحمده كمال أيضا، وعلمه كمال، وحكمته كمال، واقتران العلم بالحكمة كمال أيضا. وقدرته كمال. ومغفرته كمال، واقتران القدرة بالمغفرة كمال، وكذلك العفو بعد القدرة ٤: ١٤ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً واقتران العلم بالحلم ٤: ١١ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ.
وحملة العرش أربعة: اثنان يقولان: «سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على حلمك بعد علمك» واثنان يقولان: «سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك» فما كل من قدر عفا، ولا كل من عفا يعفو عن قدرة، ولا كل من علم يكون حليما، ولا كل حليم عالم. فما قرن شيء إلى شيء أزين من حلم إلى علم. ومن عفو إلى قدرة، ومن ملك إلى حمد، ومن عزة إلى رحمة: ٢٦: ٩ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ومن هاهنا كان قول المسيح عليه السلام: ٥: ١٢١ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أحسن من أن يقول: وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم. أي إن غفرت لهم كان مصدر مغفرتك عن


الصفحة التالية
Icon