اشربوا، فيتساقطون في جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟
فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال لهم: اشربوا، فيتساقطون»
وذكر الحديث.
وهذه حال كل صاحب باطل، فإنه يخونه باطله أحوج ما كان إليه.
فإن الباطل لا حقيقة له، وهو كاسمه باطل.
فإذا كان الاعتقاد غير مطابق ولا حق كان متعلقه باطلا، وكذلك إذا كانت غاية العمل باطلة، كالعمل لغير الله، أو على غير أمره، بطل العمل ببطلان غايته. وتضرر عامله من بطلانه، وبحصول ضد ما كان يؤمله، فلم يذهب عليه عمله واعتقاده، لا له ولا عليه، بل صار معذبا بفوات نفعه، وبحصول ضد النفع فلهذا قال الله تعالى: وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ، وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ.
فهذا مثل الضال الذي يحسب أنه على هدى.
فصل
النوع الثاني: أصحاب مثل الظلمات المتراكمة، وهم الذين عرفوا الحق والهدى وآثروا عليه ظلمات الباطل والضلال، فتراكمت عليهم ظلمة الطبع، وظلمة النفوس وظلمة الجهل، حيث لم يعملوا بعلمهم، فصاروا جاهلين، وظلمة اتباع الغي والهوى فحالهم كحال من كان في بحر لجي، لا ساحل له، وقد غشيه موج، ومن فوق ذلك الموج موج، ومن فوقه سحاب مظلم، فهو في ظلمة البحر، وظلمة الموج، وظلمة السحاب.
وهذا نظير ما هو فيه من الظلمات التي لم يخرجه الله منها إلى نور الإيمان.
وهذان المثلان بالسراب الذي ظنه مادة الحياة، وهو الماء، والظلمات