الثاني: أنه قال: «ذو مرة» أي حسن الخلق، وهو الكريم في سورة التكوير.
الثالث: أنه قال: «فاستوى وهو بالأفق الأعلى» وهو ناحية السماء العليا. وهذا استواء جبريل بالأفق. وأما استواء الرب جل جلاله فعلى عرشه.
الرابع: أنه قال: «ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى» فهذا دنو جبريل وتدليه إلى الأرض، حيث كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وأما الدنو والتدلي في حديث المعراج فرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوق السموات. فهناك دنا الجبار جل جلاله منه وتدلى. فالدنو والتدلي في الحديث غير الدنو والتدلي في الآية. وإن اتفقا في اللفظ.
الخامس: أنه قال: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى والمرئي عند السدرة هو جبرئيل قطعا. وبهذا
فسره النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لعائشة «ذاك جبريل».
السادس: أن مفسر الضمير في قوله: «ولقد رآه» وقوله: «ثم دنا فتدلى» وقوله: «فاستوى» وقوله: «وهو بالأفق الأعلى» واحدة. فلا يجوز أن يخالف بين المفسر والمفسّر من غير دليل.
السابع: أنه سبحانه ذكر في هذه السورة الرسولين الكريمين:
الملكي، والبشري. ونزّه البشري عن الضلال والغواية، والملكي عن أن يكون شيطانا قبيحا ضعيفا، بل هو قوي كريم حسن الخلق. وهذا نظير المذكور في سورة التكوير سواء.
الثامن: أنه أخبر هناك: انه رآه بالأفق المبين، وهاهنا: أنه رآه بالأفق الأعلى. وهو واحد وصف بصفتين، فهو مبين وأعلى. فإن الشيء كلما علا بان وظهر.