منكرا من القول، وإنما يكون المنكر هو الخبر.
والثاني: أنه سماه «زورا» والزور: هو الكذب.
وإذا كذبهم الله دل على أن الظهار إخبار لا إنشاء.
الثالث: أن الظهار محرم، وليس جهة تحريمه إلّا كونه كذبا.
والدليل على تحريمه: خمسة أشياء.
أحدها: وصفه بالمنكر. والثاني وصفه بالزور. والثالث: أنه شرع فيه الكفارة. ولو كان مباحا لم يكن فيه كفارة. والرابع: أن الله قال:
ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ والوعظ إنما يكون في غير المباحات. والخامس:
قوله: وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ والعفو والمغفرة: إنما يكونان عن الذنب.
وإن قلتم: هو إخبار، فهو باطل من وجوه.
أحدها: أن الظهار كان طلاقا في الجاهلية فجعله الله في الإسلام تحريما تزيله الكفارة. وهذا متفق عليه بين أهل العلم. ولو كان خبرا لم يوجب التحريم. فإنه إن كان صدقا فظاهر. وإن كان كذبا: فأبعد له من أن يترتب عليه التحريم.
والثاني: أنه لفظ الظهار يوجب حكمه الشرعي بنفسه، وهو التحريم.
وهذا حقيقة الإنشاء، بخلاف الخبر. فإنه لا يوجب حكمه بنفسه. فسلب كونه إنشاء مع ثبوت حقيقة الإنشاء فيه: جمع بين النقيضين.
والثالث: أن إفادة قوله: أنت علي كظهر أمي: للتحريم، كإفادة قوله: أنت حرة، وأنت طالق. وبعتك ورهنتك، وتزوجتك، ونحوها:
لأحكامها. فكيف يقولون: هذه إنشاءات دون الظهار؟ وما الفرق؟
قيل: أما الفقهاء فيقولون: الظهار إنشاء. ونازعهم بعض المتأخرين في ذلك. وقال: الصواب أنه إخبار.


الصفحة التالية
Icon