١٨٣ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ونظائره، كما دخل تحته الصحابة بالضرورة المعلومة من الدين.
فقوله: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ خطاب لكل من اتصف بهذا الوصف.
وهم في الإلهاء والتكاثر درجات لا يحصيها إلا الله.
فإن قيل: فالمؤمنون لم يلههم التكاثر. ولهذا لم يدخلوا في الوعيد المذكور لمن ألهاه.
قيل: هذا هو الذي أوجب لأرباب هذا القول تخصيصه بالكفار، لأنه لم يمكنهم حمله على العموم، ورأوا أن الكفار أحق بالوعيد، فخصوهم به.
وجواب هذا: أن الخطاب للإنسان من حيث هو إنسان، على طريقة القرآن في تناول الذم له من حيث هو إنسان. كقوله: ١٧: ١١ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا ١٧: ٦٧ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً ١٠٠: ٦ إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ٣٣: ٧٣ وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا ٢٢: ٦٦ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ ونظائره كثيرة.
فالإنسان من حيث هو عار عن كل خير من العلم النافع، والعمل الصالح، وإنما الله سبحانه هو الذي يكمله بذلك، ويعطيه إياه. وليس له ذلك من نفسه. بل ليس له من نفسه إلا الجهل المضاد للعلم، والظلم المضاد للعدل، وكل علم وعدل وخير فيه فمن ربه، لا من نفسه. فإلهاء التكاثر طبيعته وسجيته، التي هي له من نفسه. ولا خروج له عن ذلك إلا بتزكية الله له، وجعله مريدا للآخرة، مؤثرا لها على التكاثر بالدنيا. فإن أعطاه ذلك وإلا فهو ملته بالتكاثر في الدنيا ولا بد.
أما احتجاجهم بالوعيد على اختصاص الخطاب بالكفار. فيقال:
الوعيد المذكور مشترك، وهو العلم عند معاينة الآخرة. فهذا أمر