٩- «وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً» (١٧: نوح) فالطين كما تصرح به الآيات هنا، هو الأصل الذي خلق منه الإنسان، وأن هذا الطين قد تقلب فى أطوار عديدة، حتى ظهر منه هذا الإنسان..
فهناك: التراب، وهناك الطين، والطين اللازب، ثم الصلصال، ثم الحمأ المسنون.. فالتراب هو المادة الأولى فى خلق الإنسان، ثم يلبس التراب طورا آخر، هو الطين، ويتتقل الطين إلى طور جديد هو الصلصال، ثم الصلصال إلى حمأ مسنون.. وهكذا يتنقل التراب فى أطوار حتى يكون إنسانا.
والحمأ المسنون، هو الطين بعد أن يتخمر ويتعفّن، وبين طور الطين والحمأ المسنون طور آخر هو الصلصال، الذي يتحول فيه الطين إلى مادة من الزبد تشبه الفخّار.
وبلغة العلم: يكون التراب فالطين، فالصلصال، فالحمأ المسنون، أربعة أطوار تتنقل فيها بذرة الحياة، وإن هذا التخمر والتعفّن الذي أصاب الطين فجعله (الحمأ المسنون) لهو بشائر الحياة، إذ هو «البكتريا» التي تولدت منها خمائر الحياة، وظهرت منها جرثومتها الأولى.
«ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً».
(١٣- ١٤ نوح) ومقررات العلم الحديث تقول: إن الحياة ظهرت على هذه الأرض أول ما ظهرت، على شواطىء البحار، حين يتكون الطين، فالزبد، فالحمأ المسنون، فالطحالب، فالنبات، فالحيوان، فالإنسان..
هكذا يقرر العلم الحديث فى نشوء الحياة وتطورها، وهو- أي العلم- يرى أن هذه الأطوار قد سارت عبر ملايين السنين حتى أثمرت شجرتها الأولى أكمل وأكرم ثمرة.. هى الإنسان.