«وليس يعنى الهبوط «١»، أىّ فساد أخلاقى، بل هو انتقال الإنسان من الشعور البسيط إلى ظهور أول بارقة من بوارق الشعور بالنفس، هو نوع من اليقظة فى حلم الطبيعة، أحدثتها خفقة من الشعور بأن للإنسان صلة علّيّة شخصية بوجوده» «٢».
وهذا الفهم الذي فهمه «إقبال» لآيات القرآن الكريم فى خلق آدم، هو- كما ترى- أقرب فهم إلى منطوق كلمات القرآن، ودلالتها اللغوية، كما أن هذا الفهم الذي يقف بآيات القرآن عند هذه الحدود، يحمى ينابيع القرآن الصافية، من هذا الغثاء الذي يلقى به فى ساحتها، من تلقيات الأوهام والخرافات التي تتناقلها أجيال الناس، وتلونها بألوان وأصباغ، تكاد تغطى سماء آيات الكتاب الكريم، وتحجب أضواءها.
ثم إنه بمثل هذا الفهم الملتزم لحدود المعنى اللغوي لآيات الكتاب الكريم يظل الطريق مفتوحا بين آيات الكتاب وأنظار الناظرين فيها، كلما جدّ للناس فهم فى الحياة، وكلما انكشف لهم سر من أسرارها.. حيث يمكن عرض كل جديد، على القرآن، فى حدود منطوق كلماته ومفهومها، فيقبل من هذا الجديد ما يقبل، ويرفض ما يرفض، دون أن يكون عليه من ذلك شىء.. بل يظل فى عليائه، مشرفا مشرقا، تأخذ العيون من ضوئه، على قدر استعدادها وقوتها.
فمثلا نظرية «دارون» فى أصل الأنواع، وفى النشوء والارتقاء.
هذه النظرية، كانت ولا تزال عند كثير ممن أخذوا فهم الآيات القرآنية فى خلق آدم، عن هذه النقول الخرافية، وهذه المقولات الأسطورية التي جمعها
(٢) تجديد التفكير الديني فى الإسلام لإقبال، ص ٩٩.