عقولهم وقلوبهم إلا كما تمر هذه الحروف «طسم» وأمثالها، مما هو أصوات، لا ينتظم منها معنى، إلا عند الراسخين في العلم.
قوله تعالى:
«نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ».
أي من آيات هذا الكتاب المبين، نتلو عليك هذه الأنباء، مما كان بين موسى وفرعون، منزّلة من عالم الحق، بالحق.. «لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» أي مستعدون بفطرتهم للإيمان، متقبلون للحق، إذا بانت لهم دلائله، ووضحت لهم سبيله.
- وفي قوله تعالى: «نَتْلُوا عَلَيْكَ» بإسناد الفعل إلى الله سبحانه وتعالى، مع أن الذي يتلو هذه الآيات على النبي، هو جبريل- فى هذا تكريم للنبى، وإدناء له من ربه، الذي يتلو عليه هذه الآيات..
قوله تعالى:
«إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ».
هو ابتداء بما يتلى من نبأ موسى وفرعون.
وقد بدىء بالحديث عن فرعون، فكشف عن شخصه الذي يكشف عن إنسان يلبس ثوب الجبروت والطغيان.. فقد علا في الأرض، وجعل الناس شيعا، وهم أمة واحدة، من طينة واحدة.. فهو بعلوّه واستكباره قد انعزل عن الناس، فكان رأسا، وكان الناس جميعا أرجلا!! كان سيدا، وأصبح الناس كلهم في سلطانه عبيدا.. كان إلها، وصار الناس له مألوهين..
ثم إنه بعمله هذا قد صنف الناس أصنافا، ورتبهم طبقات.. وبذلك تسلطت