التفسير:
قوله تعالى:
«وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ.. لا تَقْتُلُوهُ.. عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ».
وتتحرك أحداث القدر إلى غاياتها، وها هو ذا الوليد بين يدى فرعون..
إنه الوليد الذي يطلبه ذبحا ممن يذبح من أبناء إسرائيل.. فالطفل إسرائيلى بلا ريب.. إذ ما من أم تلقى بابنها في اليم، إلا أن تكون من الإسرائيليات، فرارا به من موت محقق إلى موت محتمل.. إذ ربما يلتقطه رجل أو امرأة ممن لا يعنيهم أمر فرعون، من الصيادين، أو الفلاحين، فيجد الطفل من يربّيه ابنا، أو عبدا!! هكذا كانت نظرة فرعون والملأ حوله إلى هذا الوليد.. إنه إسرائيلى.. وإذن فليذبح كما ذبح ويذبح أبناء جنسه.. ولكن القدر يحرك سببا، فيفسد على فرعون وملائه هذا الرأى، حيث تتطلع امرأة فرعون إلى الوليد- وكانت غير ولود- فتتحرك فيها غريزة الأمومة، وتصرخ في أعماقها عواطف الأم نحو هذا الطفل، وإذا هو لعينيها الطفل الذي ولدته، لساعتها فتتشبث به، وتصرخ في الأيدى الممتدة لذبحه: - ولدي!! كبدى وقرة عينى!! «لا تقتلوه».
وترتفع الأيدى عن مهد الوليد، ويتطلع فرعون إلى امرأته عجبا دهشا..!
ولا تمهله حتى ينطق بالأمر القاطع في هذا الوليد.. فتلقاه متوددة متعطفة، مسترحمة لنفسها- وقد حرمت الولد- أن يدع لها فرعون هذا الولد، من بين آلاف الأولاد الذين أراق دماءهم، وأزهق أرواحهم.. وإن ولدا واحدا، لا يقدم ولا يؤخر في الأمر الذي يتغياه فرعون، من قتل هؤلاء الأطفال-


الصفحة التالية
Icon