نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً»
(١١٠: النساء) قوله تعالى:
«قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ» يرى المفسرون أن النعمة التي يشير إليها موسى، والتي يرتب عليها هذا العهد الذي قطعه على نفسه، هو قبول توبته، ومغفرة ذنبه.. وهذا بعيد..
لأن موسى لم يكن قد أوحى إليه بعد.. فمن أين يعلم أن الله قد غفر له؟
ولعل الأولى من هذا، أن يقال إن النعمة التي يشير إليها موسى، هى ما وجده في نفسه من هذه القوة الجسدية، التي استطاع بها أن يقتل رجلا بدفعة يده.. فهو بهذه النعمة التي أنعم الله بها عليه يملك قوة خارقة، وإنه ينبغى- لكى يرعى هذه النعمة، ويؤدى حق شكرها لله- ألا يستخدمها إلا في الخير، وألا يظاهر بها الأشرار المعتدين، وهذا ما يشير إليه قوله: «فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ» ! هذا، وفي مجريات الأحداث إلى غايتها التي ستنتهى إليها، نرى أن قتل المصري هنا، هو قوة دافعة إلى تلك الغاية، وأنها ستدفع بموسى للخروج من مصر إلى أرض مدين، حيث يقضى هناك عشر سنين أو نحوها، فى كنف نبى كريم من أنبياء الله، هو شعيب عليه السلام، فتكون تلك السنون إعدادا روحيا له، حتى يؤهل لحمل الرسالة السماوية التي تنتظره! قوله تعالى:
«فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ.. فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ.. قالَ لَهُ مُوسى.. إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ».