أي لم يكن لهؤلاء المجرمين من شافع يشفع لهم، ويجيرهم من عذاب الله، وأن معبوداتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، قد ضلّت عنهم، وقد كانوا من قبل على يقين بأنهم سيشفعون لهم عند الله، كما يقول الله تعالى عنهم:
«وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ» (١٨: يونس) - وقوله تعالى: «وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ».. أي وكان هؤلاء المشركون، من أهل الكفر والضلال، بسبب شركائهم هؤلاء الذين عبدوهم من دون الله... فهم بعبادة هذه المعبودات لبسوا ثوب الكفر، وكانوا من الكافرين... وللكافرين عذاب مهين.
قوله تعالى:
«وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ».. أي أنه إذا كان بين هؤلاء المشركين وبين معبوداتهم ولاء، هو ولاء التابع للمتبوع- ثم كان بين بعضهم وبعض، اجتماع وائتلاف، على عبادة هذه المعبودات، والدفاع عنها، ودفع كل يد أو لسان يمتد إليها بسوء- فإنه في يوم القيامة، ستتقطع بينهم جميعا الأسباب، فلا يلتفت المعبودون إلى عابديهم، ولا ينظر عابد في وجه عابد أو معبود.. «لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ».. «وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً».
قوله تعالى:
«فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ».
الحبر، والحبور: السّرور والغبطة، والرضوان.. والروضة: الجنة.
أي أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، لا يحزنهم هذا اليوم، ولا يضرّهم التفرّق، إذ كان مع كل مؤمن عمله، الذي يؤنسه، ويذهب وحشته،


الصفحة التالية
Icon