يعرف بأدنى نظر، وبعضها دقيق خفى، لا ينال إلا بنظر دقيق، وإدراك سليم، مع قدر كبير من العلم والمعرفة..
ومع هذا، فإن التقاء هذه الآيات في أي عقل مؤمن لا يحدث صداما بينها، ولا يدعو إلى انفصال في وحدتها، وذلك بحمل الخفي عليه منها، على الجلىّ، والمتشابه- عنده- على المحكم.. ثم يبقى مع هذا للعقل- على امتداد الزمن- مكانه من الآيات الخفية، ينظر في وجهها، ويدور باحثا عن أسرارها.. وفي كل يوم يجد العقل من هذه الآيات جديدا من العلم، ومزيدا من المعرفة، وكثيرا من الأسرار.. وإذا التراب، والطين والصلصال، والحمأ المسنون، والماء، والنبات.. وكل هذه المواد التي تحدث عنها القرآن في خلق آدم- هى العناصر التي شكلت هذا المخلوق العجيب، والتي أقام منها الخالق العظيم، هذا البناء، فى أحسن تقويم..! وحتى ليجىء العلم الحديث متخاضعا بين يدى القرآن الكريم، مستسلما ومسلما لما ضمت عليه آيات الله من أسرار، لم ير هذا العلم بكل وسائله إلا لمحات منها، فيما قررته علوم الحياة من تلك الصلة الوثيقة التي تصل الإنسان بالأحياء، وتجعله حلقة من حلقات سلسلتها الممتدة، الضاربة في أعماق الطبيعة «١».
قوله تعالى:
«وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ».
الخطاب هنا للناس عموما، رجالا، ونساء.. وليس للرجال، كما فهم ذلك كثير من المفسدين.. فكما خلق الله سبحانه للرجال من أنفسهم