وتلك المعاناة تكون الثمرة.. وما أكثر الأشجار التي لا تعطى ثمرا!! وفي قوله تعالى: «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» دعوة إلى الزوجين أن يدبرا تفكيرهما إلى هذه الآية من آيات الله، وأن يحققا الثمر المرجو منها. فإن لم يتحقق لهما هذا، كان عليهما أن يرجعا إلى نفسهما، وأن يصححا الوضع الذي هما عليه، حتى يحىء الثمر المطلوب من الزواج، وهو السكن، والمودة، والرحمة.
قوله تعالى:
«وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ.. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ».
فى الجمع بين خلق السموات والأرض، واختلاف الألسنة والألوان، إشارة إلى هذه الظاهرة التي لا يكاد يلتفت إليها الناس، من اختلاف ألسنتهم وألوانهم. إنها- وهى التي لا يكاد يلتفت إليها أحد- لا تقل عن خلق السموات والأرض، وما فيهما من أجرام وعوالم، فى الدلالة على قدرة الخالق، وجلاله، وعظمته، وعلمه، وحكمته.
إن كل إنسان من الناس هو عالم قائم بذاته، فى ظاهره، وباطنه، جميعا.
ففى كل إنسان آية متفردة من آيات الخلق، وقدرة الخالق. فعلى حين يبدو الناس وكأنهم ثمار شجرة واحدة، إذ هم ثمار مختلفة الطعوم، ولألوان، والأشكال.. كل ثمرة لها طعمها، ولونها، وريحها.
إن العين لتأخذ الناس جميعا، وكأنهم كائن واحد. فإذا عاد النظر إليهم، فردا فردا، كان كل واحد كائنا قائما بذاته، بماله من سمات،