قوله تعالى:
«لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ».
اللام في «ليكفروا» هى لام التعليل، فشركهم بالله، هو علّة لكفرهم بما آتاهم الله من نعم، فهم بهذا الشرك. ينكرون نعم الله عليهم، ولا يضيفونها إليه، بل يجعلونها لمعبوداتهم التي يعبدونها من دون الله..
وفي قوله تعالى: «فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ» انتقال من الغيبة إلى الخطاب، حيث يواجه هؤلاء المشركون بهذا الوعيد من ربّهم.. فليتمتعوا بما هم فيه، وسوف يعلمون ما يجره عليهم كفرهم وشركهم من بلاء شديد، وعذاب أليم.
قوله تعالى:
«أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ».
السلطان: الحجة، البرهان..
وفي الآية إضراب عن خطابهم، وعن الحديث إليهم، وإبعادهم من مقام الحضور، بعد أن تلقوا هذا الوعيد الشديد.. ثم التفات إلى من هم أهل للخطاب من المؤمنين، ليحاكم هؤلاء المجرمون أمامهم.. إنهم أشركوا بالله، فما الحجة التي بين أيديهم على هذا الشرك؟ أأنزل الله عليهم كتابا ينطق بهذا الضلال الذي هم فيه؟ أم قام فيهم رسول من عند الله يدعوهم إلى هذا الذي يدينون به؟ ما برهانهم على هذا؟ وما الحجة التي بين أيديهم والتي يعبدون هذه المعبودات عليها؟ إنهم مطالبون بأن يقيموا على هذه المعبودات حجة، من عقل، أو كتاب، أو رسول... وإلّا فهو الضلال المبين، والمصير المشئوم. «وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ» (١١٧ المؤمنون).


الصفحة التالية
Icon